غن التي سَلَبت فؤادك ... مرفوضة مِلآنَ يا ابن كلاب
فارجع بحياتك التي طالبتها ... والحق بقومك في هضاب إراب
ثم نادى أن هذه السُّنة مرفوضة.
وربما اختارت المرأة لنفسها وهي الشرف الصميم، والمجد القديم، من قومها، فلا لوم ولا نكير، وما كانت تخطب منه إلا صفو الخلق، وكرم الضريبة فقد وصف لخديجة بنت خويلد محمدُ بن عبد الله - صلوات الله عليه - وما كمله الله به، أثراً عنده، وأسناهن ذكراً في الحياة.
وقد حدّثوا أن بنى كنانة توقعت غارة يفجؤها بها بعض الضاربين حولها القبائل فخرجت إحدى كرائم الحي، وجلست بين صواحب لها، ثم دعت وليدة من ولائدها وقالت: أدعى لي فلاناً، فدعت لها رجلاً من الحيّ، فقالت له: إن نفسي تحدثني أن خيلاً تُغير على الحي فكيف أنت إن زوجتك نفسي؟ قال: أفعل وأفعل - وجعل يطنب في وصفه نفسه ويفيض - فقالت له: انصرف حتى أرى رأيي، وأقبلت على صواحبها فقالت: ليس عنده غَناءٌ. ادعى لي فلاناً. فدعت فخاطبته بمثل ما خاطبت صاحبه، وأجابها بمثل جوابه. فصرفته. ثم قالت للوليدة: ادعي لي ربيعة بن مُكدَّم. فقالت لم مثل قولها للرجلين قبله. فقال: إن أعجز العجز أن يصف الرجل نفسه، ولكني إن لقيت أعْذَرت، وحسب المرءِ غَناءً أن يُعذر. فقالت له: قد زوجتك نفسي، فاحضر غداً مجلس الحي ليعلموك ذلك. فلما كان الغد تزوجها وخرج من عندها، ودافع الخيل، وردَّ كيد المعتدين.