ومن حديثهم أن عمر بن الخطاب نظر إلى قوم من قريش صغار الأجسام فقال: مالكم صغرتم؟ قالوا قُرْبُ أُمهاتنا من آبائنا. قال: صدقتم. فتزوجوا في البعداءِ فأنجبوا.
على أن من العرب من كان يُؤثر بنات العم لأنهن أصبر على نَبْوَة الخلق وريب الزمان. وكان بنو عبس يؤثرونهن، وقد سئلوا أيَّ النساءِ وجدتم أصبر؟ فقالوا بنات العم.
ومن قول شقيق بن السُّلَيك، وقد خطب امرأة من قومه فردته:
ونُبَّئْتها أَحرَمَتْ قومها ... لتنكح في مَعْشَرٍ آخرينا
فإما نَكَحْتِ فلا بالرَّفاءِ ... إذا ما نَكَحْتِ ولا بالبنينا
وزُوجت أَشْمطَ في غُربةٍ ... تَجن الْحِليلةُ منْهُ جُنُونا
وقَلَّت طرفك في ماردٍ ... تَظَل الْحَمَامُ عليه رُكُونا
يُشِمُّك أَخْبَثَ أضراسِهِ ... إذا ما دنْوتِ لتَسْتَنْشِقِينا
كأن المساويك في شدْقِهِ ... إذا هُنَّ أكرِهْنِ يَقْلَعْن طينا
وبعد فكل ما أسلفنا من حق المرأة في الزواج لم يكن كل ما تملك المرأة منه، بل كان لها فوق ذلك فصل القول في فصمه. لقد كان من حق المرأة في حاشية الجزيرة العربية، وبين أعطاف الزمن السحيق العميق، أن تطلق الرجل، كما كان