وذلك ما يقوله عنه الوزير لسان الدين بن الخطيب في كتابه الإحاطة في أخبار غرناطة وآثر ابن مردنيش زي النصارى من الملابس والسلاح واللُّجُم والسروج، وكلف بلسانهم، وألجأه الخروج عن الجماعة والانفراد بنفسه إلى الاحتماء بالنصارى ومصانعتهم، والاستغاثة بطواغيتهم، وصالح صاحب برشلونة لأول أمره على ضريبة وصالح ملك قشتالة على الأخرى، فكان يبذل لهم في السنة خمسين ألفاً من المثاقيل، وابنتي لجيشه من النصارى منازل معلومات!! وحانات للخمور! وأجحف برعيته لأرزاق ممن استعان به منهم، فعظمت في بلاده المغارم وثقلت؛ وأما رسوم الأعراس والملاهي فحالاتها عجيبة.
حدّث بعض المؤرخين عن الثقة قال: كنت بحيان مع الوزير أبي جعفر الوقشي فوصل إليه رجل من أهل مرسية كان يعرفه، فأساله الوزير عن أحوال ابن مردنيش وعن سيرته، فقال الرجل أخبرك بما رأيت من جور عماله وظلمهم، وذلك أن أحد الرعية بشاطبة واسمه محمد بن عبد الرحمن كان له بنظر شاطبة ضُيَيعة يعيش بها، وكان لازمها أكثر من فائدتها، فأعطى لازمها حتى افتقر، وفر إلى مرسية، وكان أمر ابن مردنيش أن من فرّ من الرعية أمام العدوّ أخذ ماله للمخزن، قال الرجل فلما رحلت إلى مرسية فارّاً عن وطني خدمت الناس في البنيان، فاجتمع لي مثقالان سعديان فبينما أنا أمشي في السوق وإذا بقوم منأهل بلدي شاطبة، فسألتهم عن أولادي وزوجتي، فقالوا إنهم في عافية، ففرحت فرحاً عظيماً وسألتهم عن الضييعة، فقالوا إنها باقية عند أولادك، فقلت لهم عسى أن
تبيتوا عندي الليلة، فاشتريت لحماً وشرابا وضربنا دفا، فلما كان عند الصباح إذا بنقر عنيف بالباب،