فقلت من أنت! قال أنا الطرقون الذي بيده قبالة اللهو، وهي متفقة بيدي، وأنتم ضربتم البارحة الدف فأعطنا حق العرس الذي عملت، فقلت والله ما كان لي عرس فأخذت وسجنت حتى لافتديت بمثقال من الذي خدمت به وجئت إلى الدار فقيل له إن فلاناً وصل من شاطبة الساعة فمشيت لأسأله عن الدار وعن قرابتي وعرفته بالأمر الذي طرأ على وبكيت طول ليلتي وبكى معي، فلما كان من الغد إذا بناقر بالباب، فخرجت فإذا أنا برجل فقال أنا صاحب المواريث أعلمنا أنكم بكيتم وأنه قد مات لكم ميت من قرابتكم غنى وأخذتم كل ما ترك، فقلت والله ما بكيت إلا نفسي، فكذبني وحملني إلى السجن فدفعت المثقال الثاني.
ذلك بعض ما يحدث في عهد التياث واضطرا به وانحراف الأمر وانقلابه على أن ما أصاب البلاد من فتنة ناشئة وشر وبيل لم يثن مثله هؤلاء عن الاندفاع في اللهو إلى قرار الهاوية.
وأصبح الاندماج في الفرنج بالمظاهر والعادات وبالملق والرياء سنة مسلوكة وطبعاً مألوفا عند أهل الأندلس، ومن العجب أن عالما ضليعاً كعزيز بن خطاب يُوَلي مُلك مُرسية لعلمه وفضله، فإذا جاءه الخطباء ليخطبوا له بالملك استمع أقوالهم حاسر الرأس كما كان يعمل ملوك الفرنج.
وكان ابن هود ملك الأندلس يسير في أشتات بلاده حاسر الرأس، وعلى هذا السبيل كان بنو الأحمر ينهجون.
وكان علماء الأندلس يرخون ذوائبهم، ولم يسمح لغيرهم أن يفعل ذلك سيراً على سنة الفرنج في رجال الأدب والفنون منهم.
ولبس النساء المناطق الأسبانيولية! واعتمرن القبعات الأسبانيولية، وخرج الفتيات
حواسر الرءوس كواشف الصدور على مثال الأسبان، وفي كثير من الصور