التي خلفها الأندلسيون منقورة في الجدران أو منقوشة في الزجاج أو مرقومة على الثياب أو محفوظة في الكتب والرقاع ما يدل على انسياق المرأة الأندلسية في مساق الأسبانية وانخلاعها عن تقاليد السلف الصالح من الأمهات الأندلسيات. ورغم ما تورطت فيه امرأة هذا العصر من تهور واندفاع لم تكن بنجوة من العلم والأدب، فقد نالت منهما أكثر مما نالت في عصورها السالفة، ولكن ويل للأمة من المرأة العالمة التي لا خلق لها ولا دين.
وأستاذة الشواعر في العصر الأندلسي الأخير حفصة بنت الحاج الركونية، وهي إحدى شريفات غرناطة الظاهرات بوفر المال وفرط الجمال وما تزدان به المجالس من حسن المساجلة ولهو الحديث. ولذلك لم يكن بدعاً أ، يغدو في أثرها كثير من نساء هذا العصر، وكانت نشأتها في القرن السادس وعمرت إلى منتهاه.
وكانت حفصة في شعرها متدفعة غير متجملة ولا محتشمة، لأنها إنما تحكي صورة هذا العصر وتنزع عن غايته، وكانت تذيع هذا الشعور فيرويه الناس عنها وهم بها معجبون.
ومن شعرها ما كتبته إلى فتى اشتهرت به:
أزورك أم تزور فإن قلبي ... إلى ما تشتهي أبداً يميل
فثغري مَورد عذب زلال ... وفرع ذؤابتي ظل ظليل
وقد أمّلت أن تظمأ وتضحي ... إذا وافى إليك بي المقيل
فعجّل بالجواب فما جميل ... إباؤك عن بثينة يا جميل
ومن شعرها وقد أرسلته إلى الأمير أبي سعيد في مجلسه أنسه: