وإذا رميت به الفجاج رأيته ... يهوى مَخارمَها هُوِىَّ
وإذا نظرت إلى أَسِرَّة وجهه ... برقت كبرق العارض المتهلَّل
صعب الكريهة لا يرام جَنَابة ... ماضي العزيمة كالحسام المِقْصَلِ
يحمي الصحابَ إذا تكون عظيمة ... وإذا هُمُ نزلوا فمأوى العُيّل
ولم يكن ذلك شأن من ذكرنا من النساء فحسب؛ بل لقد كانت العرب تعيّر من قصّرت به أمه في بعض ذلك وتسبه به.
وبعد فذلك ما تواصى به نساء العرب في تربية أطفالهن وهن في جاهليتهن الأولى وما يبتغي الأطباء بعد بضعة عشر قرناً من عهدهن أن يكون النساء أتم عناية بأبنائهن وأشد حرصاً عليهم من كل ذلك.
ويدرج الطفل بعد ذلك فتجعل الأم مسلاته حديث الأبطال؛ وآيات النزال وبذل النوال؛ واصطناع الرجال. ثم يشب فتنشر بين يديه من جليل العظائم كتاباً؛ وتقيم بين عينيه من جميل المكارم محراباً؛ وتتعاهده كما يتعاهد الزارع الضَّنين منابت الغَرْس؛ ومساقط الغَيْث. إن احتكمت به نزوة الشر؛ وطاشت بلبه سورة الحقد؛ بغير حق وفي غير حزم؛ عَّطفت صدره؛ وألانت جانبه؛ وأوضحت نهج الخير له. وإن سكنت همته؛ وفترت عزمته؛ أذكت حميته؛