وأصبت تونس بعد تلك الجرأة السياسية البرعة لا يقيدها قيد في استقلالها على حسب إرادتها لا إرادة الحامية السابقة وهي فرنسا.
[إعلان الجمهورية]
أرادت تونس استكمال نظامها السياسي المختار علاوة على حريتها التي نالتها بجهادها المتواصل.
ولم يحدث يوم إعلان الجمهورية ما يصاحب عادة الانتقال من نظام إلى نظام منم سفك دماء، وهزات شعبية، إذ جرى إعلان الجمهورية في رحاب مجلس منتخب أعلن بالإجماع الجمهورية وإلغاء الملكية.
وعبر الكثير من الأعضاء في الجلسة التي أعلنت الجمهورية عن آرائهم في الجمهورية يوم الخميس ٢٦ ذي الحجة ١٣٧٦ وفي ٢٥ جويلية ١٩٥٦.
وقد ساهم كاتبه في الجلسة التاريخية فعلان الجمهورية بكلمة لخصتها كتابة الأخبار والإرشاد في كتابها الأول: ثقف نفسك في السياسة بما يلي:
[فحوى كلمة الشيخ محمد الشاذلي النيفر]
(لقد جعل الإسلام الكلمة للشعب في اختيار من يرتضيه لحراسة مصالحه، والذود عنها، ولهذا جعل الخلافة شورى، فقد كان المسلمون أحراراً في اختيار خليفتهم.
وقد ربى الإسلام المسلمين على أن يفهموا أن الشورى جزء لا يتجزأ من الحكومة وجزء لا ينفصم من الأمة، حتى أنه قرر مبدأ الشورى في حق من عصمه الله تعالى، وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وإن هذه الأمة حين أخذت طريقها السوي وأنقذت نفسها من استعمار غاشم قد أرادت لنفسها نظاماً يضمن لها أن تكون أمة في مصاف الأمم الناهضة بحق وجدارة.
فحين نختار اليوم النظام الجمهوري لا نرمي من وراء ذلك الاختيار إلى أية غاية إلا أن نكيف الدولة ونينيها بناء لا يتسرب إليه الخلل على تعاقب الأيام) .
وفي تلك الجلسة التاريخية أصدر المجلس القومي التأسيسي برئاسة جلولي فارس رئيس المجلس القومي التأسيسي القرار التالي المتضمن لإعلان الجمهورية وانتخاب رئيس لها وهو فخامة الرئيس الحبيب بورقيبة.
[بسم الله الرحمن الرحيم]
نحن نواب الأمة التونسية أعضاء المجلس القومي التأسيسي بمقتضى ما لنا من نفوذ كامل مستمد من الشعب.
وتدعيماً لأركان استقلال الدولة وسيادة الشعب.
وسيراً في طريق النظام الديمقراطي الذي هو وجه المجلس في تسيطر الدستور.
نتخذ باسم الشعب القرار التالي النافذ المفعول حالاً: أولاً: نلغي النظام الملكي إلغاء تاماً.
ثانياً: نعلن أن تونس دولة جمهورية.
ثالثاُ: نكلف رئيس الحكومة السيد الحبيب بورقيبة بمهام رئاسة الدولة على حالها الحاضر ريثما يدخل الدستور في حيز التطبيق ونطلق عليه لقب رئيس الجمهورية التونسية.
رابعاً: نكلف الحكومة بتنفيذ هذا القرار وباتخاذ التدابير اللازمة لصيانة النظام الجمهوري كما نكلف كلاً من رئيس المجلس والأمين العام لمكتب المجلس والحكومة بإبلاغ هذا القرار إلى الخاص والعام.
أصدرناه في قصر المجلس بباردو يوم الخميس في ٢٦ ذي الحجة سنة ١٣٧٦ وفي ٢٥ جويلية سنة ١٩٥٧ على الساعة السادسة مساءً.
جلولي فارس رئيس المجلس التأسيسي ختمت الملكية بتونس في آخر سنة ١٣٧٦ وانتقلت البلاد إلى العهد الجمهوري برئاسة فخامة الرئيس الحبيب بورقيبة رئيسها الحالي أجرى الله على يديه الخير موفقاً لما فيه رضاه بنهضة إسلامية لهذه البلاد مركز الإشعاع الإسلامي.
[الوزارة التونسية]
رأت البلاد التونسية تقلبات متعددة في أطوار مختلفة فبعد أن كانت عضواً في الخلافة الإسلامية سواء في الطور الأموي، أو الطور العباسي استقلت استقلالً داخلياً من الخلافة العباسية، إلى أن انفصلت عن الخلافة وأصبحت دولة تناوي الدولة العباسية وفي ذلك الطور كان هيكل الدولة مكتملاً بكل رجال الدولة.
وجاءت صنهاجة بنظامها، وكذلك الدولة الحفصية إلى أن رزحت تونس تحت الحماية الإسبانية، ثم جاءت الدولة العثمانية فأصبحت البلاد التونسية ولاية عثمانية ففقدت المقومات التي للدولة، ومنها الوزراء.
ثم أخذت تونس تسترجع سيادتها في البوتقة العثمانية إلى أن تكونت الدولة التونسية بالإمارة والوزارة والمعروف أن الوزارة المتصلة بالعهد الحاضر ابتدأت في إمارة الأمير علي بن حسين باي الذي تولى الإمارة من سنة (١١٧٢) إلى سنة (١١٩٦) .