وهو عالم متواضع نقالة يحضر جميع دروسه بدون استصحاب كراس ويملي جميع ما ينظره حباً متراكباً قد قرأت عليه شرح القطر لابن هشام بحاشية الشريق قطعة وافرة من شرح الأشموني على الألفية بحاشية الصبان والنصف الأول من كفاية الطالب بحاشية الصعيدي ونبذة من ابن تركي على العشماوية بحاشية الصفتي وقطعة وافرة من شرح الدردير على المختصر الخليلي بحاشية الدسوقي من غير إغفال شيء من الحواشي المذكورة، وقد اعتاد قراءة المولد النبوي عند باب الشفا بجامع الزيتونة ليلة المولد من كل سنة، وتقدم مدرساً بالمدرسة الصادقي فانتفعت به تلامذتها وفاقوا على غيرهم في مواكب الامتحانات السنوية بسبب الجهد الذي استعمله في إيصالهم وكانت ولايته تدريس المدرسة المذكورة عند فتحها لفي ذي الحجة الحرام سنة ١٢٩١ إحدى وتسعين ومائتين وألف وقد توفي يوم السبت الثاني من المحرم سنة ست وثلاثمائة وألف عليه رحمة الله.
[الشيخ مصطفى رضوان]
هو شيخنا أب النخبة مصطفى بن علي بن مصطفى رضوان الحنفي السوسي ولد سنة ١٢٤٥ خمس وأربعين ومائتين وألف وهشت نفسه إلى طلب العلم الشريف ببلده سوسة من عمل الشاحل فقرأ بها على الشيخ صالح الغنوشي باش مفتي بلده شرح الشيخ خالد على الآجرومية والأزهرية والقطر والمكودي وذات البراهين وابن المسبح في الفقه المالكي ورسالة الشيخ سيدي عبد الله بن أبي زيد ونبذة من تفسير المخازن وقرأ على الشيخ عبد الله العدة المفني بها المقدمة وإيساغوجي وقرأ على الشيخ الحاج علي السقا القاضي بها المقدمة والسمرقندية والحطاب على الورقات ونبذة من المخحتصر الخليل وقرأ على الشيخ عبد الصمد براوي المفتي بها المكودي على الألفية وشرح نظم ابن غانم في المواقيت وقرأ على الشيخ محمود بن الحاج علي إمام جامع الحنفية بها شرح الشيخ حسن الشرنبلالي في الفقه الحنفي قرأ على لعدل الشيخ أحمد عمار شرح السوسي في الفلك وقرا على العل الشيخ سالم المولا شرح القطر.
وقد إلى تونس لاستكمال تعلمه سنة ١٢٦٠ ستين ومائتين وألف، فقرأ على الشيخ محمد بن ملوكة رسالته المنطقية، وقرأ على الشيخ محمد بن ملوكة رسالته المنطقية، وقرأ على الشيخ محمد بن عاشور الفاكهي والألفية والأشموني عليها والخبيصي، وقرأ على الشيخ محمود قابادو ونبذة من كشف لنقاب في علم الحساب، وقرا على الشيخ مصطفى بيرم القاضي على إيساغوجي وملا مسكين على الكنز ومختصر السعد، وقرأ على الشيخ الطاهر بن عاشور قطعة من المطول، وقرا على الشيخ محمد بن الخوجة قطعة من المكودي وقطعة من الدرر، وقرأ على الشيخ محمد النيفر نبذة من مختصر السعد والمطول.
وظهرت عليه براعة كلية فاستكتبه عامل بلده الوزير محمد خزنة دار سنة ١٢٦٦ ست وستين فأقام في بلده في الخدمة المذكورة إلى أن عزل مخدومه من العمل المذكور، ومع ذلك توفي والده في شوال سنة ١٢٨٠ ثماني ومائتين وألف فقدم إلى تونس بقصد الإقامة والاستيطان بها سنة ١٢٨١ إحدى وثمانين واسترزق برشح قلمه يجلس للإشهاد واقرأ بعض دروس بجامع الزيتونة، وتقدم للرتبة الأولى وكتب بذلك لشيخ الإسلام أبي عبد الله محمد معاوية بقوله: [الطويل]
أيا شيخ إسلام وعمدة أمة ... مقامك أعلى من مديحي وأعظمُ
معاوية الأستاذ هل أنت منصف ... فلا العلم مغبون ولا الحق يكتم
عهدناك قبل اليوم تشكو تأخراً ... وتقديم من لا يعلمون وتعلم
أعيذك من أن أشتكي منك مثلها ... فعدلك يأباها ورأيك أحزم
فلا تجعلني واو عمرو وإنني ... أنا الميم والأيام أفلح أعلم
هديتم إلى رشد فخذ قول منصف ... سلي إن جهلت الناس عني وعنهم
وإني على علياك أيثني مسلماً ... ولست لمن قدمتموه أسلم
وقد ناظر بمبحث لو ن السعد وجلي في ذلك المضمار وتقدم لخطة التدريس بجامع الزيتونة في الرتبة الأولى أواسط ربيع الثاني سنة ١٢٨٦ ست وثمانين ومائتين وألف، فزان الخطة بدروسه الرائقة، وتحريراته الفائقة.
وهو عالم دراكة، ثابت الفهم، محقق، فصيح الإلقاء لطيف المحاضرة أكتب منشيء فصيح القلم نظماً ونثراً وإرسالاً حيسوبي بالإدارة، وعارف بتقلبات الأمور مهذب الأخلاق مواظب على دروسه.