فكم لآلي حكمة بالثرى ... تقذف والأجداث أصدافها
فانظر لهذا الرمس كم ضمَّ من ... معارف لم تحصَ أصنافها
إذْ حلَّهُ النحرير روض النهى ... مخفي رموز القول كشافها
علامة المعقول دراكة ال ... منقول والأسرار نقافها
محمود ست بعد دال تلي ... خساً زكاً من قبلها قافها
قضى وافتى كم بأفهامه ... صينت حقوق خيف إتلافها
أما رحى الآداب فهو الذي ... بفقده قد حان إيقافها
أسدى له الرحمن أضعاف ما ... ترجو منَ أهل الجود أضيافها
ولا عدت سحب الرضى تربة ... آواه في التاريخ (أشرافها)
١٢٨٨
[٤٦ الشيخ محمد الشريف]
تقدمت ترجمته في الأيمة مستوفاة وقد تقدم لخطة الفتيا فصار مفتياً سادساً في تاريخ شعبان الأكرم ١٢٨٥ خمس وثمانين ومائتين وألف، ولما توفي الشيخ محمود قابادو صار مفتياً خامساً، ولما توفي الشيخ صالح النيفر صار مفتياً رابعاً، ولما توفي الشيخ علي العفيف صار مفتياً ثالثاً أدام الله بقاءه، وأعاد علينا دعاءه.
[٤٧ الشيخ محمد النيفر]
هو الشيخ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن قاسم بن أحمد النيفر الشريف أصغر أخويه السابقين، قرأ بجامع الزيتونة عليهما وعلى الشيخ علي العفيف والشيخ الشاذلي بن صالح وغيرهم من علماء جامع الزيتونة وتقدم لخطتي التدريس فأفاد بفصاحة معتبرة.
وتقدم لخطة القضاء بالحاضرة بعد أخيه الثاني في غرة صفر الخير سنة ١٢٨٠ ثمانين ومائتين وألف وكان مع علمه يميل إلى المشاركة في الرأي واعتضد لذلك بأخيه ولازم المراجعة والمطالعة والتحري في المسائل مع أعلام المجلس الشرعي يومئذ الذين منهم الشيخ أحمد بن حسين والشيخ محمد البنا والشيخ الطاهر بن عاشور، ومارس المسائل بذلك حتى صار فقيهاً عمدة في التطبيق٥ وتقدم لمشيخة مدرسة النخلة عند وفاة الشيخ محمد البنا وتقدم إماماً بجامع أبي محمد عند وفاة الشيخ أحمد بن حسين وختم في كليهما أختاماً رائقة حضرت بعضها، فصيح الخطبة.
وقد تقدم إلى القتيا فصار مفتياً خامساً رابع جمادى الأولى سنة ١٢٩٠١ تسعين ولما توفي الشيخ علي العفيف صار مفتياً رابعاً.
وهو عالم حسن المعاملة فصبح الدرس ولما ولي الفتيا أقبل على التدريس بجامع الزيتونة فأقرأ تفسير القاضي البيضاوي قراءة تحرير، وله دروس آخر مواظب على إقامتها عند باب الشفا بجامع الزيتونة.
وأقام بين تدريس وإفتاء وخطبة إلى أن تأخر عن خطة الإفتاء بسبب نازلة كان الوكيل فيها رجلاً اسمه سليمان الطرابلسي يخاصم عن رجل طلياني ولما لزمه الدخول تحت الحكم حضر صاحب الخصومة فحضر مع كاتب سفارة إيطاليا في المجلس الشرعي ولما ألزم الوكيل بالدخول تحت الحكم امتنع من ذلك أولاً ثم فوّض إلى صاحب الخصومة نفسه قيل إن الشيخ قال له عند ذلك يا كلب تأتي لنا بهؤلاء النصارى أو بهؤلاء الكلاب النصارى، وكل من صاحب الخصومة وكاتب السفارة عارف بالعربية فخرج كاتب السفارة وكتب لدولته بما وقع من الشيخ فكاتبت دولة فرانسة وجرت المفاوضات في النازلة إلى أن ورد إذن من فرانسا بعزله أو توجهه لاسترضاء قنصلاتو إيطاليا فاختارت الدولة عزله وأرسلت إليه ابن أخيه الشيخ علالة النيفر أحد كتاب الوزارة الخارجية إلى ديوان الشريعة فأعلمه هنالك وساء كثيراً من الناس خبره لأنه أول مفتٍ بالحاضرة تأخر بيدٍ أجنبية وكان ذلك قبل زوال يوم الثلاثاء تاسع شعبان سنة ١٣٠١ إحدى وثلاثمائة وألف وصبر لذلك وبعد نحو شهر كان عيد الجمهورةية الفرانساوية في رمضان وأرسلت السفارة لاستدعاء عامة الشيوخ ليلاً فلم يتخلف منهم غير شبخ الإسلام والقاضي الحنفي وخليفة جامع الزيتونة في التاريخ وكان أول داخل لدار السفارة في تلك الليلة إمام جامع الزيتونة الأكبر المفتي الثالث أحسن الله عاقبة الجميع، ووفقنا إلى أحسن الصنيع.
٤٨ الشيخ صالح بن فرحات