للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنيت به نجل السنوسيّ من غدا ... يفوق على الدر النظيم فريده

له نشأة في الجود والبأس قد سمت ... يذاب به صم الثرى بل حديده

شبيه أباه في الفخار وجدّه ... فيا لقديم قد قفاه جديده

سيعلي مباني المجد مثل جدوده ... فيا به من فخر يعود معيده

سقى الله مثوى جده كل مزنة ... تضوع به ضوع الرياض لحوده

وأبقى أباه للسيادة والعلا ... تزاد عطاياه ونحن عبيده

لقد ظهرت علياه مظهر شارق ... وهل ينكر المحسوس إلا حسوده

إذا كان علم فهو وضّاح أصله ... وغن كان رأي غامض فرشيده

فلو أننا في يوم خطب نؤمه ... سألناه شرخ العمر كاد يعيده

ولو أن أقمار السماء تحجبت ... لأغنى سري الفخر عنها وجوده

لأزكى الورى نفساً وأكرم معشراً ... وأمكنهم من مورد يستفيده

ليهنك نجل سعده لاح مشرقاً ... تسرُّ به آباؤه وجدوده

وتلك يد من نعمة الله فز بها ... وأرخ (يد نجل تبدت سعوده)

غير أن الله سبحانه اختار الآخرة والأمل في الفضل أن يكون فرطاً وذخرأن وحسنة وأجرأن إذ أنه على عقب وجودي من حج بيت الله الحرام مرض بالحصبة وتوفي بعد الزوال بنصف ساعة من يوم الأحد غرة جمادى الأولى سنة ١٣٠٠ ثلاث عشرة مائة.

إلى هنا كان موقف جواد القلم، وغاية الجمع الذي في سلك الإبداع قد انتظم، فبرز إلى الوجود من العدم، فجاء نزهة المسافر، وتحفة السامع والناظر، غذ توشح من تعريف الرجال، بما يبلغ به مطالعه غاية الآمال، على حسب ما في مقدرتي من الاطلاع، لا على حسب أولئك الأعلام الذين لاحت فضائلهم كنار على يفاع، وإني وإن كتب تعاطيت في جميع مآثرهم ونشر مفاخرهم ما يتعاطاه الغيور على بلاده، المتصدي لجمع شمل مفاخر علمائها من شيوخه وأجداده، لكن قصر الباع، وحداثة السن وعدم الاطلاع، كلها أعذار أقدمها لما وقع مني من الإخلال، في التعريف بأولئك الرجال، إذ أني فاتحت بهذا التعريف من عمري مكمل الثلاثين، وأني لابنها واستقصاء غايات الشم العرانين، فهيهات هيهات الوصول إلى الغايات لكن حسن ظني بكرام العشيرة، سهل علي التجاسر على المواقع الخطيرة، فأدلجت مع اعترافي، بأني لست من ذوي القوادم أو الخوافي، راجياً رضى السادة الذين أعملت قلمي في خدمة مجدهم، فعسى الله أن يوليني أيمن رفدهم، برضاهم علي في هذا الصنيع، الذي اعملت فيه جهد المستطيع، آملاً منه سبحانه تعالى أن يحشرني في زمرة هؤلاء الأعلام، الذين تتباهى بهم الأيام، بجاه نبيه عليه الصلاة والسلام.

اللهم يا من ليس لكماله غاية، نسألك بجاه رسولك أن تحسن لنا في كل عمل البداية والنهاية، وأن تديم علينا ما عودتنا به من خفي الألطاف، التي نرجو أن تصاحبنا إلى يوم المخاف، وأن تؤمن عاقبتنا في جميع الأمور، وتحمينا من كل ذي جور وفجور، وأن ترزقنا بفضلك العلم والعمل، وتجعل فينا وفي ذريتنا من الخير ما يبلغ به الراجي إلى غاية الأمل، اللهم احفظ منا اللسان واليد والقدم، واحمنا بلطفك وحفظك من مزالق القلم، يا ذا الجود والكرم. اللهم اجمع لنا بين سعادة الدارين مع الأمن والعافية، وأسبل علينا من سرادق فضلك البرود الضافية، يا من ليس لفضله حد، ولا يعجزه مطلب أحد، واغفر لنا ولوالدينا ولمشائخنا ولمن أحسن غلينا ولإخواننا بجاه رسولك الكريم عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأزكى التسليم. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

وقد أنجزته بعون الله فيما دون الشهرين وذلك بفضل الله الذي لا يخيب من توكل عليه سبحانه وتعالى. ووافق الفراغ من جمعه الأول ليلة الأربعاء الرابع والعشرين من المحرم وتم بإعانة الله تبيضه أواخر جمادى الثانية كل ذلك سنة ١٢٩٧ سبع وتسعين ومائتين وألف.

[الملحق]

[التشريع]

أنشأ الأستاذ السنوسي قصيدة طويلة مبنية على التشريع مدح بها الإمام العلامة المرحوم الشيخ محمد الطاهر النيفر قاضي الجماعة من سنة (١٢٩٠ إلى ١٣١١) لما ختم كتاب الشنشوري على الرحبية في الفرائض.

وكان درسه للشنشوري درساً حافلاً غص بالطلبة فأراد الأستاذ السنوسي تخليد هذا الختم بقصيدته ملتزماً فيها هذا النوع من البديع.

<<  <   >  >>