للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد عزل من خطة الفتيا على عهد الباشا وأصابه ما أصاب الأفاضل أمثاله من السجن قبيل رمضان قيل: إن عزله كان في وسط المجلس الشرعي عند اجتماعه للحكم بين يدي الباشا فأمره بالقيام من المجلس وقال له: إني عزلتك من الوظيفة الشرعية ولما خرج استعاده فقال له إني عزلتك من التدريس ولما خرج أعاده وقال له إني عزلتك من مشيخة المدرسة ولما خرج أعاده وقال له إني عزلتك من الإمامة وعندما علم أنه انتزع جميع ما بيده من الوظائف قال له ارجع إلى بيتك فقال له بقي عندي وظيف آخر لم تعزلني منه فقال له الباشا ما هو فقال له الشيخ وظيفة العلم الذي في صدري ستجتمع علي الناس لتلقيه هل لك قدرة على انتزاعه مني وخرج بعد ذلك خلى سبيله وأعاده إلى جميع خططه وكان ذلك سنة ١١٦١ إحدى وستين ومائة وألف وهنأه بذلك الشيخ علي الغراب بقوله: [الكامل]

زارتك بعد تمنع وجفاءِ ... بيضاء ذات ذوائب سوداءِ

زارت ومن عجب تزورك تفي العلا ... شمس الضحى في الليلة الظلماء

لولا الذوائب ما غدت من ثغرها ... مأمونة من أعين الرقباء

لم أنسَ حين ذكرت ليلة وصلها ... في صدها عنّي عظيمَ شقاء

قالت أيشقى من غدا لسعادة ... يعزى ومنه سعادة السعداء

شيخ جليل فاضل علم له ... رتب تزاحم رتبةَ الجوزاء

أمست فنونُ العلم تخدم بابه ... صدراً بهن حقائق الأشياء

هو أعقل العلماء إلا انه ... بين الأفاضل أعلم العقلاء

هو أنبل الفضلا إلا أنه ... بين الأفاضل أفطن الفطناء

هو أفصح البلغاء إلا أنه ... بين الأحبة أبلغ الفصحاء

هو أرأسُ العظماء إلا أنه ... بين الأكابر أعظم الرؤساء

هو آدب الشعراء إلا أنه ... بين البرية أشعر الأدباء

ما فيه عيب غير أن مقامه ... بين الورى في الرتبة العلياء

ذو همة بين السماك وبينها ... في الرفع ما بين السما والرائي

ذو سؤدد في الصالحين ورفعة ... تنحط عنها أنجم الزهراء

يا أيها العلم الذي بين الورى ... بالسّبق في التدريس والإفتاءِ

لحن الزمان بصرفكم خبرا فعا ... بوه وعدّ?وه من اللكناء

إذ ليس يصرف من له عدل ومع? ... رفة بها تسمو على النظراء

لكن صرفت لضيق ذرع حواسد ... قد أسمعت بنميمة شناء

قالوا عجيب كيف زال وإنه ... علم يفوق كواكب الجوزاء؟

فأجبتهم إن الجبال تزول من ... مكرِ الدُّهاة وحيلة الأعداء

إني أتيتك بالرجوع مهنِّئاً ... وإلى عداك معزياً بعزاء

لا لا تلم من لم يلم توجعاً ... وأتاك بعدُ مهنئاً بهناء

فلرحمةِ المتوجعين حرارةٌ ... في القلب مثل شماتة الأعداء

وقد أدرك في مبدأ نشأته الولي الصالح أبا البلابز الشيخ عبد الرحمن بن أبي بن الغيث بن عبد الرحمن بن راشد بن بلغيث بن راشد بن عبد الحميد بن يربوع القطب الشهير الطرابلسي الشريف رضي الله عنه، وكان صاحب الترجمة كثير الزيارة للولي المذكور بداره التي بالممر خارج باب المنارة وكان الولي يقول للشيخ هذا الموضع يجمع عظامي وعظامك. وتوفي الولي أوائل ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين ومائة وألف، وبعد مضي زمان اشترى الشيخ داراً جوار زاوية الولي وتوفي سنة إحدى وسبعين ومائة ألف ودفن على يمين ضريح الولي المذكور فكان ذلك الموضع هو مجمع عظامهما رضي الله عنهما.

?٢٢

[الشيخ أحمد المكودي]

هو الشيخ أبو العباس أحمد بن حسين المكودي من بيت علم وفضل ولد بحاضرة فاس ونشأ فيها في طلب العلم، وأخذ فيها عن جلة العلماء الذين منهم العالم الشهير الشيخ أبو العباس أحمد بن المبارك وهو الذي أجازه وله به مزيد اختصاص وقد مدحه بقصيدته التي يقول في مطلعها.

[الطويل]

إليك أبا العباس تحدي ركائبي ... وتغدو خفافاً راقصات النجائب

وهي قصيدة طويلة أثبتها صاحب مفاتح النصر في علماء ذلك العصر.

<<  <   >  >>