حاز الأمانة والصيانة والدايا ... نة والمكانة في رضى المعبود
حاز المروءة والعفاف وبات من ... نعمائه يلتف خير برود
حاز اكتمال الخلق والخلق الرضي ... بأثيل مجد عن كرام جدود
فإليه كم وفدت أهالي تونمس ... والكل عنده ليس بالمردود
يلقاهم بسماحة وطلاقة ... تبدي الأناة كقسوةِ الجلمود
كم سخر الشَّرسَ الشَّموسَ بما به ... قد قاد للإنصاف كل شرود
واهاً له من طود علمٍ شاهق ... حملته أيدي الناس فوق العود
واهاً له من بحر علم زاخر ... قد عاد مثل الصارم المغمود
واهاً له من روض علم رائع ... قد راعنا بغراسه المحصود
حصدته شاخصة الليالي واجتلتْ ... أسف الورى في يومه المشهود
ماذا عسى يبقى تجلدهم إذاً ... يا عين من در المدامع جودي
فبذا تعلمت العيونُ البذلَ من ... نثر وشغل الرأي نظم عقود
ما لليراع تروعه نوبُ الردى ... ويروم حصر كماله الممدود
تالله ما يسلي النهى عن فقده ... غير انجلاء في جنان خلود
يا ربّ أنت منحته فخر العلا ... فامنحه من رضوانك المحمود
يا رب أمِّن خوفه وابسط له ... نعم المنى في يومك الموعود
يا رب ظلله بظلٍّ وارف ... بجوار أحمدَ أكرمِ الموجود
يا رب يمَّنْ خفضَ عيشه واسقه ... من ورد حوض المصطفى المورود
يا رب في الفردوس أكرمْ نزله ... وارفع مكانه في مقر سعود
يا رب حقق فيه قول مؤرخ ... (سعد بقاع محمد البارودي)
[٣٧]
[الشيخ حسونة عباس]
هو شيخنا أبو محمد حسن بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد عباس ولد في الحادي والعشرين من ذي القعدة الحرام سنة ٣٩ تسع وثلاثين ومائتين وألف، ونشأ في طلب العلم بعد أن قرأ القرآن وجوده برواية حفص على الشيخ حسين البارودي، وقرأ عليه صدر الشريعة الفقهي، وقرأ على الشيخ محمد الأبي شرح الشيخ خالد على الآجرومية والأزهرية والقط، وقرأ الكتب المذكورة على الشيخ حسن فرشيش، وقرأ على الشيخ عمر القسنطيني القطر، وقرأ على الشيخ محمد القبايلي شرح الخزرجية، وقرأ على والده الشيخ محمد عباس شرح الشيخ خالد والشذور والفاكهي والمكودي والأشموني والسمرقندية والسلم ورسالة آداب البحث والخبيصي ومختصر السعد وقطعة من تفسير القاضي البيبضاوي إلى أثناء النساء وقرأ على الشيخ محمد بن عاشور الآجرومية والأزهرية والقطر والمقدمة والمكودي وقطعة من الخبيصي وقطعة من المحلى والبردة، وقرأ على الشيخ محمد النيفر الشذور والفاكهي وقطعة من السعد وقطعة من المطول وقطعة من البخاري، وقرأ على الشيخ محمد معاوية قطعة من الأشموني والدرر والتوضيح على الشريعة، وقرأ على الشيخ محمد بن الخوجة المكودي على الأليفة والدرر من البيوع إلى آخره.
وتصدى للإقراء واشتغل بصناعة الشاشية مدة ثم عاد إلى الإقراء فولي الإمامة بجامع القصبة والتدريس في الرتبة الثانية عند وفاة والده، ثم في جمادى الثانية سنة ١٢٧٤ أربع وسبعين تقدم للرتبة الأولى من خطة التدريس، وفي ثالث جمادى الأولى سنة ١٢٩٠ تسعين قدمه المشير الثالث مفتياً خامساً ولم يزل مجداً في التدريس وقد انتفع عليه كثيرون مع ماله من حسن المواظبة والاعتناء بالدروس وتحريرها وحسن السكينة والخيرية والفقه، وقد قرأت عليه نبذة من الفاكهي وشرح الباجوري على السمرقندية ونبذة من شرح الباجوري على البردة، وهو عالم فاضل جليل خير حسن المعاملة والأخلاق مواظب على تدريس مهمات الكتب قائم بحقوق خططه في الإفتاء والتدريس والخطبة وختم بجامع القصبة أختاماً مهمة حضر الأمير بعضها وله كرم نفس وتواضع وتباعد عن التصنعات مع الإنصاف في العلم.
ولما توفي الشيخ محمد البارودي صار مفتياً رابعاً، ولما توفي الشيخ محمد معاوية صار مفتياً ثالثاً وهو اليوم المفتي الثالث الحنفي في المجلس الشرعي أدام الله رفعته وحمى من طوارق السوء بقعته.
[القسم الثالث]
في التعريف بالمفاتي المالكية