للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا وقال يوسف الزغواني ... المرتجى مغفرة الرحمن

وهو نظم لطيف موجز يسهل حفظه للطالب ولم يزل الشيخ وولده بالمكانة العطمى إلى أن دخل الباشا علي وتقيد الشيخ عن الفرار مع أبنائه بكثرة عياله، ورجع إليه ولده إمام المحلة فاراً فقبض عليهما الباشا وسجنهما واستأصل جميع متاعهما، وعندما اشتد الضجر بالشيخ قتلهما الباشا لما يعلم من قربهما من عمه أواسط صفر الخير سنة ١١٤٨ ثمان وأربعين مائة وألف عليه رحمة الله.

?١١

الشيخ عبد الكبير الصوفي هو الشيخ عبد الكبير بن علي الصوفي ولد سنة ١٠٨٩ تسع وثمانين وألف، وقرأ على والده الشيخ علي الصوفي وعلى الشيخ عبد الكريم الحنفي وعلى الشيخ محمد الغالبي والشيخ أحمد مجاهد صاحب رواية الحديث بزاوية الشيخ سيدي أحمد بن عروس رضي الله عنه والشيخ محمود مهتار والشيخ حسي والشيخ محمد الكفيف والشيخ هبة الله والشيخ عبد القادر الجبالي والشيخ قاسم الغاري والشيخ محمد الغماد والشيخ سعيد المحجوز.

ولما بلغ أشده وتضع في العلوم نزله له والده عن مشيخة المدرسة الشماعية وقدمه إليها سنة سبع عشرة فلازم التدريس بها مع تحقيق وتدقيق وتحرير.

ولما توفي الشيخ أحمد برناز صاحب الشهب المحرقة في الرد على أهل الزندقة قدمه الباشا حسين عوضه لإمامة الجامع اليوسفي وروايته وخطبة جامع محمد باي في ذي القعدة سنة ١١٣٨ ثمان وثلاثين ومائة وألف فزان الخطتين بحسن ترتيله وبلاغة خطبه. ثم لما دخل الباش عليٌّ قدمه مفتياً ثانياً عوض الشيخ يوسف برتقيز وكان محتملاً أثقالاً من تقدم الشيخ يوسف درغوث عليه ولما أعياه الانتظار لما كان يتوقعه للشيخ المذكور طلب من الباشا أن يسافر صحبة الهدية الموجهة للسلطان وأضمر عدم العود من حيث أن الباشا لم يشعر بما أضمره فأذن له بالسفر ولما رجع السفراء أقام الشيخ في دار الخلافة مدة وجيزة وبلغ خبر وفاته أواسط رجب سنة ١١٥٠ خمسين ومائة وألف، وعظموا جنازته وكتبوا على قبره تاريخاً بالذهب، عليه رحمة الله.

[١٢ الشيخ محمد الأرناؤوط]

هو الشيخ أبو عبد الله محمد الأرناؤوط إمام الأمة في المذهب الحنفي ومعرفة الأصول بحيث إنه وحيد عصره فقهاً وأصولاً بعد أن كان حلاقاً في صباه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. أخذ الفقه عن الشيخ الكبير الصوفي، وأخذ العربية عن الشيخ علي سويسي، وملأ الصدور والمحافل بعلومه وكماله فأقرأ كتباً مهمة مثل الكنز والمجمع وصدر الشريعة والدرر والمنار، ولازم التدريس وأخذ عنه الفحول.

ولما توفي الشيخ يوسف برتقيز قدمه الباشا علي بجامع الباي خطيباً وإماماً ومدرساً أواسط صفر الخير سنة ١١٤٨ ثمان وأربعين ومائة وألف فزان الجامع المذكور بعلمه وفصاحته.

ولما نعي الشيخ عبد الكبير الصوفي قدمه مفتياً ثانياً عوضه فأقام على الفتيا إلى أن توفي الشيخ يوسف درغوث فتقدم لمشيخة الإسلام سنة ١١٥٦ ست وخمسين فزانها بعلمه.

ثم تقدم لمشيخة المدرسة الشماعية سنة سبع وخمسين ومائة وألف بعد وفاة الشيخ حسن البارودي.

ولم يزل على مشيخة الإسلام يبث العلم بين الأعلام حتى امتحنه الله بإيداع علي باشا أمانة عنده تبلغ نحو عشرة آلاف بندقي حين أيس من البقاء على الدولة. ولما خرج وعاثت يد الجزيريين بالنهب في البلاد دخلوا إلى دار الشيخ للانتهاب فوجودا عنده المال المذكور فحملوه لرئيس محلة الجزيريين حسن باي فاتهمه أنه قد استخلص لنفسه أموالاً أخر وتعمد ضربه بالسياط مع علمه وإشرافه على الثمانين ولم يراقب الله فيه، وكان الأمير محمد الرشيد باي في كرب عظيم من ذلك مع عجزه عن دفع ذلك عنه حتى أرسل إليه مع باش كاتب الشيخ محمد الدرناوي في السجن يأمره بالشكاية إلى حاكم الجزائر، وأفضى الأمر إلى إيقاع صلح مع حسن باي باع فيه الشيخ جميع كسبه حتى أمتعة بيته ودفع له الأمير محمد الرشيد لإكمال الصلح ألف محبوب سراً ليعيده من أسر الجزيريين. والله لا يضيع عمل عامل.

وقد لازم الشيخ بيته بعد ذلك ولم يكن للأمير أن يرجعه لمشيخة الإسلام نظراً لما وقع به من الامتهان وإنما أجرى عليه فيوض إحسانه إلى أن توفي، رحمة الله عليه.

١٣ الشيخ محمد درغوث

<<  <   >  >>