سنة ١٢٩٢ اثنتين وتسعين ومائتين وألف فزان المحراب والمنبر بحسن تلاوته وعذوبة خطبه البليغة مع ملازمة إقامة الخمس والمحافظة على أداء الصلاة في الوقت وملازمة رواية الحديث بحيث يحضر لها يومياً في الثلاثة الأشهر في شدة الحر من جبل المنار ويرجع وقد اعتنى بنسخ صحيح ميلم بخطه للرواية مع الضبط والتحري فيه والكتابة على مشكله وعلى عهده اتفق في صلاة المغرب من يوم الأحد السادس عشر من رجب الأصب سنة ٩٨ ثمان وتسعين ومائتين وألف أن المقيم أقام الصلاة وعند انتهائه تقدم للمحراب رجل مغربي عليه سمة الصلاح فكبر وأخذ يقرأ الفاتحة والناس من حوله ينادونه ويتجاذبونه وآل الأمر أنه تقدم إليه بعض المصلين وأخذوه من المحراب بعد فراغه من الفاتحة وشروعه في قراءة سورة الكافرون وتقدم الإمام المذكور إلى محرابه فصلى المغربي خلفه ولازم الاعتكاف في الجامع أياماً لم يسمع أحد منه كلاماً غير أنه أجاب الإمام المذكور بأنه قاصد حج بيت الله الحرام وقرأ له فاتحة الإلحاح عليه.
(ولما عزل الشيخ الشاذلس بن صالح من خطة باش مفتي انتخب لها لما هو متصف به من العفة والصيانة والمروءة بحيث تقدم بذلك على العالم الشيخ محمد الضشاهد والزكي الشيخ صالح بن فرحات والإمام البحر الشيخ محمد الشريف ابن عمه في موكب حضره جميع الشيوخ بالمرسى صبيحة يوم الاثنين الثالث من المحرم سنة ثلاث وثلاثمائة وألف وقبل الولاية بعد تمنع ولم يظهر عليه ابتهاج لهاته الولاية بل أظهر التغير لمن تقدمهم من الشيوخ مع رغبة في حسن الدعاء جزاه الله خيراً) فهذا الإمام اليسوم هو باش مفتي المالكية وخليفة جامع الزيتونة الذي ابتهج بولايته، ولما وليهاً هنأه العالم الشاعر الشيخ سالم بو حاجب بقوله: [الخفيف]
هكذا بيت خير آل ينيف ... شرف تالد ومجد طريفُ
وسجايا زكية الأصل بالعل ... م أتيحت لحسنها التضعيفُ
ذهب خلصته بوتقة الته ... ذيب عن أن يشوبه التزييفُ
ذا جدير بأن يحلّ مقاماً ... دونه للأنام طراً وقوفُ
وبأن يرتقي منابر للها ... دي إليه حنينها معروفُ
فهنيئاً لمنبر الجامع الأع ... ظم إذ عاد يمينه الأملوفُ
بإمام شريف ذات ووصفٍ ... ليس يطفي نوريهما تأفيفُ
قدوةٌ وثفوةٌ تقيٌ ... ذو اتضاع وهمة، غطريفُ
من يشرف بنيلِ رتبة عز ... فبذا للمراتبِ التشريفُ
وجميع الورى يهنَّونه أن صا ... دف من يستحقه التوظيفُ
فلسان السداد يملي على الآ ... ذان بيتاً لهابهِ تشنيفُ
حبذا منصب شريف حواه ... أحمد واسمه فأرخ (شريفُ)
[القسم الرابع]
[في التعريف بالقضاة الحنفية]
قد تقدم في صدر المقدمة أن الغازي السلطان سليم الثاني لما فتح البلاد التونسية على يد وزيره سنان باشا سنة ٩٨٠ إحدى وثمانين وتسعمائة أقام بالحاضرة قاضياً من الترك فذلك هو مبدأ تاريخ تولية القاضي الحنفي بحاضرة تونس، واستمر الأمر بقدوم قاضي الحضرة من بلد الخلافة الإسلامية الأستانة العلية أدام الله عزها ببقاء آل عثمان ما تجدد الملوان وكانا لقاضي يومئذ يجدّد فيكل ثلاث سنين وورد في ذلك العهد من علماء الترك أفاض لا فتخرتبهم الخطة.
منهم المولى:
[١ على أفندي]
وأصله من الجزائر من أولاد الترك ومنها توجه إلى إسلامبول وانعلامة فقدم إلى تونس لخطة القضاء ولم تطل مدة ولايته وتوجه إلى بلد بنزت ليركب منها إلى إسلامبول فقتله هناك مملوكه عليه رحمة الله.
ومنهن المولى
[٢ رمضان أفندي]
قدم بوظيفة القضاء ولما تمت مدة ولايته أمسكه يوسف داي، ومنع من الخروج.
فقدمه إلى الإفتاء بمذهب أبي حنيفة وخطبة جامع يوسف داي ومشيخة مدرسته عند بنائها فأقام على الخطط المذكورة إلى أن توفي عليه رحمة الله.
ومنهم المولى
[٣ كمال أحمد أفندي]
ابن عبد النبي قدم أيضاً بوظيفة القضاء وتقدم إماماً لإقامة الخمس بجامع يوسف داي فهو أول إمام به ولما استوفى مدة ولايته أمسكه يوسف داي لعلمه ومجده.
ومنهم المولى
٤ محمد قارة خوجة