وكان رحمه الله رأى النبي صلى الله عليه وسلم مراراً وكان الشيخ يروي الحديث بمسجد محل سكناه ويخرج من داره عند طلوع الفجر وكان كلب العسة يؤذيه فامتنع من الخروج أياماً قال فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وقال لي قم يا سعيد اقرأ حديثي فإن الكلب قد قتل قال فقمت وقلت ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم حق فتوضأت وخرجت فوجدت الكلب نصفين وكان من قدر الله أن اجتاز من هنالك جندي فآذاه فضربه بسيف فقسمه نصفين ومناقبه كثيرة لا تحصى رحمه الله تعالى وسار إلى الحج وتوفي بمكان يقال له المطروح قريباً من الاسكندرية في اليوم السابع عشر من شهر رمضان سنة ١١١٩ تسع عشرة ومائة وألف ودفنوه في ذلك المكان أمانة في تابوت وفي عودهم وجدوه كما كان وأتوا به إلى تونس ودفنوه بمقبرة الشيخ الولي الصالح صاحب المناقب الخارقة سيدي منصور بن جردان نفعنا الله به، وسمعت من تلميذه الشيخ سيدي أحمد الطروبي أنه كشف عليه حين دفنه في سيدي منصور فشاهده كما كان في حياته لم يتغير رحمه الله تعالى ونفعنا به آمين انتهى.
وقد ترجم له مؤرخ عصره الشيخ محمد الوزير السراج في كتابه الحلل السندسية فقال وفي هذه السنة أعني سنة١١١٩ تسع عشرة ومائة وألف طلع مع الركب حاجاً الشيخ العالم العلامة والبحر الفهامة الأستاذ المحدث الصالح الإمام الخطيب الفاضل الذي اتخذ الحديث عزة وفخاراً ودرايته شعارأن وروايته دثارأن كم شفى بلطيف شمائله من معضل، وفصل فصول تبيانه من مشكل، وعدل كفات موازينه بين راجح ومرجوح، وداوى برقة معارفه، ومراهم عوارفه، كل ضعيف ومجروح، أزاح بري روايته عن عطاش القلوب أُوَامأن وأدار سلاف نفحاتها على لائذي أبوابها دوامأن واستقر مقيماً على ذلك الدين أعوامأن فحسن مستقراً ومقامأن وكان كثير الرؤية لسيِّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كان يتعاطى الحديث ومصطلحه ضُحىً جوفيّ الختمة بجامع الزيتونة ويروي الحديث أيضاً بزاوية الأستاذ، ومن بجاهه للائذين أعظم ملاذ، صاحب البراهين والبركات، وخوارق العادات، أبي الظَّفر، سيدي منصور بن جردان، وكان يؤمُّ بمسجد القنيطرة داخل باب الجزيرة ويخطب بجامع خارجهأن ورأيت بخطه رحمه الله في ورقة ما نصه: يقول العبد الفقير إلى الله تعالى سعيد بن إبراهيم المحجوز أذكر هنا ما ألفته من الكتب فمن ذلك كتاب في (الجمع بين الأحاديث التي ظاهرها التعارض) وكتاب (في الدعوات المستجابة) وكتاب في (الأفعال الثلاثية) هل هي من باب نصر أو من باب ضرب أو من باب علم أو من حسب؟ وكتاب (المثلث في اللغة) وكتاب (فيمن رأى الله تعالى في النوم من الأولياء) وكتاب (في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة) وكتاب (في الأضداد) وكتاب (في رقم لاإله إلا الله واسم سيدنا محمد وأحمد وغيرهما) وكتاب (في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم) اه بحروفه، غير أنه ما سمعنا بمن شاهد هذه الكتب، ولعلها اندرجت في كراريس حزمة قبل أن يسفرها وأهملت.
وكان واعظاً حرجاً في حقوق الله تعالى.
توفي رحمه الله تعالى عشية التاسع عشر من شهر رمضان من عام ١١١٩ تسع عشرة ومائة وألف بمكان يقال له أبو مطروح قرب الاسكندرية في طلوعه. ثم لما نزل الركب نبش عليه وأخرج من قبره ووضع في تابوت ولم يجدوا فيه من التغير شيئأن مع أن تلك الأماكن أشد حرأن وكفى بعدم تعدي الأرض عليه عنوان القبول مع حرارة المكان وبعد الزمان ثم بعد تلك الحركات بالسفر إلى مدينة تونس وكشفوا عنه فوجدوه كأنه قُضي الآن، ودفن بالصحن من زاوية الشيخ الأستاذ سيدي منصور بن جردان، رحمه الله رحمة واسعة.