فهو من بيت علم وصلاح لم أقف له على خبر غير ما تلوته عليك أما ولده المدرس الشيخ كبير فكان من موثقي العدول يتعاطى الإشهاد بالمدينة من الحاضرة في حدود ١١٤٣ الثلاث والأربعين بعد المائة والألف عليهم رحمة الله آمين.
?١٦
[الشيخ محمد بن الشيخ]
هو الشيخ أبو عبد الله محمد بن الشيخ أصله من بلد الحمامات وأخذ عن فحول علماء تونس وجلس للتدريس بجامع الزيتونة وأخذ عنه فحول من العلماء منهم المفسر الشيخ محمد زيتونة وقدمه الأمير محمد باي المرادي مدرساً بجامعه الذي أقامه أمام مقام الشيخ سيدي محرز بن خلف فأقام فيه الدروس فهو أول مدرس مالكي به عند إتمامه سنة ١١٠٩ تسعى ومائة وألف.
وانتصب يومئذ لرواية الحديث به الشيخ محمد قويسم الشريف مؤلف كتاب سمط الآل في التعريف بالرجال إلى أن توفي سنة ١١١٤ أربع عشرة ومائة وألف.
وتقدم بالجامع المذكور أيضاً لتجويد القرآن الشيخ محمد التونسي.
وكذلك تقدم صاحب الترجمة لمشيخة المدرسة المنتصرية وروى بها الحديث وتقدم لخطة الفتيا وأفاد الناس بعلومه وفتاويه بحيث إنه استمر على خطة الإفتاء نحو العشرين سنة وتجاوز عمره الثمانين سنة. وكان عالماً عفيفاً ديناً يميل إلى الخمول طويل القامة حسن الوجه أتم الصلاة العشاء فأدركته المنية على بساط صلاته بدون مرض سنة ١١٢٠ عشرين ومائة وألف ورثاه الشيخ محمد زيتونة بقوله: [الكامل]
هجمت بموت الأكرمين خوارقُ ... وتقعقعتْ في الخافقين صواعقُ
ورعودها صدعت حشاشة مدنفٍ ... واهتز من وقع المصاب الخافقُ
وكأنّ صور البعث عجَّلَ نفخةً ... والكون مما حل فيه صاعق
وارتجت الأرجا لصعقة عالمٍ ... سكن اللحود فبان منه الغامق
وتزعزعت شمُّ الجبال لفقده ... والأفق أظلم والرؤوس طوارق
والعين تبكي دمعها والعقل مك? ... سوف الضيا قد قدّ سهم مارق
يدعى إلى ابن الشيخ فاضل عصره ... شوقي له والروح منه زاهق
كم مشكل أبدى بجّيد عقله ... قد حار فيه مخالف وموافق
ونوازل الأحكام لما أن نأت ... ناحت عليه صوامت ونواطق
ورياض معلوم العلوم تخربت ... بذهابه أنبا بذلك الصادق
فتكت به أيد المنون وغيبت ... عن ناظري وهو الجمال الفائق
تبكيه خضراء البلاد وأهلها ... ويظلُّه الغصن الرطيب الباسق
ونفوسنا تفديه لكن قد غدا ... لكريم فرسان الجنان يسابق
ويفوز بالرضوان من رضوانه ... ويجاور الحور الحسان يعانق
ويرى جمال الله جل جلاله ... وفق الذي أبدى الحديث الناطق
فهو الذي يبكي عليه ومثله ... والغير لا نظرت إليه روامق
[١٧]
[الشيخ علي الرصاع]
هو الشيخ أبو الحسن علي بن حميدة بن علي بن حميدة بن أبي يحيى بن قاسم بن محمد بن قاسم بن عبد الله الرصاع الأنصاري التلمساني، ولد جده عبد الله بتلمسان وقدم إلى تونس وإنما لقبوه بالرصاع لأن جدهم الوافد إلى الحاضرة كانت له براعة في ترصيع المنابر والسقوف حتى إنه لما بني جامع العباد الذي به ضريح الشيخ أبي مدين الغوث بتلمسان طلبه الأمير لترصيع منبره ولما أتمه طلب أجرته الدفن في مقام الغوث فنال ذلك وكانت وفاة الشيخ سيدي أبي مدين في حدود ٥٧٠ السبعين والخمسمائة وكأنه لا خفاء في أن إنشاء الجامع المذكور، كان بعد دفن الشيخ بعصور وقد عاد يمن ذلك المدفن على ذرية الرصاع المذكور حتى كان منهم حفيده الشيخ محمد العالم الجليل فأخذ عن الشيخ أبي القاسم البرزلي شيخ الإسلام بتونس والشيخ عمر القلشاني قاضي الجماعة بتونس وغيرهما. وولي خطه قاضي الأهلة ثم خطه قاضي الأنكحة ثم خطه قاضي الجماعة بحاضرة تونس ثم اقتصر على الفتوى وإمامة جامع الزيتونة والخطبة به وتصدى لإقراء الفقه والأصول والعربية والمنطق، وشرح أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم شرحاً غريباً، وله تأليف في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وشرح شواهد المغني القرآنية وشرح حدود ابن عرفة، وله تأليف في إعراب كلمتي الشهادة وآخر في أحكام لو وآخر في أسماء الأجناس وأحكامها وآخر في صرف أبي هريرة وفتاوي كثيرة في المازونية والمعيار وتوفي سنة ٨٩٤ أربع وتسعين وثمانمائة عليه رحمة الله.