وب "الحسن" الأسمى أبيه ابن احمد ... سليل الذي لازلت فضله أستجدي
أبي القاسم الميمون نجلِ محمدِ ... هو ابن قريش نجل عيس أخي الزهد
وهو ابن عبد بالعبادة قد غدا ... مضافاً إلى الرحمن أكرم بذا العبد
ومن خلف المدعو بابن علي الشَّ ... هير اقتبس نور الهداية والرشد
ومن فرج المدعو بابن علي ال ... جليل التمسْ تفريج كربك عن حد
وسل بأبيه القرم وهو محمد ... مرداك كي تحظى به دون ما ردَّ
ولا تعدُ إسماعيل والده الذي ... أبوه يسمى جعفر الصادق الوعد
وبالباقر الأتقى أبيه محمد ال ... همام الذي حاز السيادة في المهد
وهو ابن زين العابدين علي ال ... إمام الزكي الأصل ذي السؤدد العدَّ
سليل حسينٍ نجل فاطمة التي ... هي الزهرة الزهراءُ أمّ ذوي ودَّ
أبوه علي وهو صنو نبيَّنا ... عليه صلاة الله تترى بلا حد
بجدَّهمُ اللهم يا خالق الورى ... ويا ملجأ المضطر يا وجهةَ القصد
أنلني رضاكم يوم لا شيء غيره ... يقربني زلفى إلى جنة الخلد
ويا رب فاشهد أنني قد أحبُّهم ... لحبك إياهم وذا ما لهم عندي
وأستنزلُ الرضوان منك عليهم ... لترضيهم عني وذا منتهى جهدي
وصلَّ وسلَّمْ ثم بارك على الذي ... أتى رحمةً للعالمين بلا جحد
فقد توارث صاحب الترجمة مفاخر عن أبيه وجده، فبلغ بها من الفضل غاية حده، وله في غمامة الجامع من سلسة سلف، أخرجه إليها إخراج الدر من الصدف.
[[الشيخ علي محسن]]
فقد كان المنعم والده الشيخ أبو الحسن (علي محسن) إماماً ثالثاً بجامع الزيتونة على عهد البكريين بفضله وحسن تلاوته، وكان معظماً عند الخاصة والعامة علماً وديانة، إلى أن توفي في السادس والعشرين من ذي العقدة الحرام سنة ١٢٠٩ تسع ومائتين وألف.
وكانت ولادة صاحب الترجمة سنة ١١٩٣ ثلاث وتسعين ومائة وألف، فتربى في حجر عناية والده، وقرأ القرآن العظيم على الفاضل الشيخ حسن بن عمر، يروى أن مؤدبه المذكور انتهره في بعض الأيام لأجل القراءة، فلم يتحمل ذلك لعزة نفسه، وأخذته الغصة ولازمة البكاء من ذلك الوقت إلى أن رجع إلى داره عند الزوال، واستمر عليه ذلك في قيلولة ذلك اليوم، ولما نام مؤدبه في داره رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه واضعاً ولده المذكور في حجرة وهو يأمر مؤدبه باسترضائه، فقام من نومه فزعاً وخرج من حينه، واشترى فواكه مما يرضي الصبيان، وجاءه إلى داره فوجده باكياً، فانكب عليه واخذ يقبل يده ويعطيه الفواكه، ويسترضيه إلى أن سكن جزعه، وقص رؤياه على والده، رضي الله عنهم أجمعين.
ثم بعد قراءته القرآن العظيم توجه إلى قراءة العلم الشريف فقرأ على ابني عمه الإمامين الشيخ حسن الشريف، وأخيه الشيخ محمد الشريف، والشيخ الطاهر ابن مسعود، وقرأ على غير هؤلاء، وتصدى للإشهاد فعد من ثقات العدول.
ولما توفي شيخه الشيخ الطاهر بن مسعود خليفة الجامع وقدم الأمير محمود باي الشيخ "عمر بن المؤدب" للخلافة تقدم صاحب الترجمة للنيابة إماماً ثالثاً في ربيع الثاني سنة ١٢٣٤ أربع وثلاثين ومائتين وألف، وكان الإمام الأكبر يومئذ ابن عمه الشيخ حسن الشريف، فاستمر إماماً ثالثاً زينة لجامع الزيتونة، وأولاده شهادة الحرمين، وهي يومئذ من الخطط النبيهة الشأن، فقام بحقوقها، ولازم المعاينة بنفسه، ولما علم الأمير بذلك أهدى إليه فرساً اعتناءً بشأنه، واستمر مباشراً للإشهاد والإمامة إلى أن توفي الخليفة المذكور، فقدم الأمير ولده "الشيخ الشاذلي" نائباً، وقدم صاحب الترجمة إلى الخلافة، كما هو مقتضى الاستحقاق، فتقدم خليفة لابن عمه الشيخ محمد الشريف سنة ١٢٣٩ تسع وثلاثين ومائتين وألف، فعمر الجامع بمواظبته وإقامة الصلوات في أول أوقاتها.