ابن مصطفى برناز قدم والده مصطفى في جملة العسكر العثماني وحضر فتح حلق الوادي في زي درويش وتقدم إماماً بزاوية الشيخ سيدي علي بن زياد وتزايد ولده المذكور سنة ١٠١٢ اثنتي عشرة وألف وحجره والدهإ لى المولى أحمد أفندي، فنشأ أولاً في خدمة العسكرية ثم تعاطى العلم فتفقه وولع بالحديث ودرسبزاوية سيدي علي بن زياد والمدرسة الشماعية عدة مرار ولاية وعزلاً.
وكان فصيحاً باللغة التركية فتقدم خطيباً بجامع القصبة ولما بنى المولى محمد باي المرادي جامعه الذي أمام زاوية الشيخ سيدي محرز بن خلف رضي الله عنه قدمه لإمامة الخمس به فهو أول إمام بالجامع وهو أول إمام صلى الخمس وروى البخاري بجامع حمودة باشا المرادي، وعزل منه قبل موته بسنة.
وخرج لحجبيت الله الحرام وله من العمر أربع وستون سنة وهو راجل ومركوبه يسير خلف هو كان يقوم الليل.
واختاره الداي أحمد خوجة إماماً له وقربه عنده وسعى له في ولاية خطة القضاء بالحاضرة فوليها فكان أيضاً أول قاضٍ حنفي من أبناء البلاد التونسية غير أنه تخلى عنها بعد مدة، وكان منزله مقصوداً للخاصة والعامة لكمال وجاهته ونفوذ كلمته.
وقد ختم الله له بالسعادة فمات قتيلاً وأرخ وفاته الشيخ محمد الوزير السرّاج بقوله:
ألا رحم الله هذا الشهيدْ ... كما طاب ذكر الثناء السعيدْ
محمد برناز المرتدي ... رداء الشهادة يوم الوعيدْ
فأقام الهداة بيوم الوفاة ... لدار النجاة بقصر مشيدْ
وكان إماماً بدار الدُّنا ... فراح الخطيب الشكور الحميدْ
ويكفيه بشرى جميل الثنا ... وقد أرخوه (هليك شهيدْ)
ومنهم
[٥ الشيخ محمد القصري]
ابن المولى أحمد أفندي ابن عبد النبي وكان فقيهاً مشاركاً عارفاً باللسان التركي والفار سيتقدم لمشيخة المدرسة اليوسفية عوض الشيخ محمد بن عبد الكريم وحج بيت الله الحرام ورجع ودرس بالمدرسة الشماعية ولما توفي والده تقدم عوضه لإمامة الجامع اليوسفي وتزيّا مدة بزي الدراويش ثم سافر إلى إسلامبول واجنمع بالسلطان.
وتولى خطة القضاء بتونس مدة، وتأخر عنها ولما رجع ولد يوسف داي من تفربه أخره عن إمامة جامع والده، وأولى مكانه قارة خوجة، وولي هو إماماً وخطيباً بجامع القصر، إلى أن توفي سنة ١٠٩٣ ثلاث وتسعين وألف ودفن بجامع القصر عليه رحمة الله.
ومنهم:
[٦ الشيخ عبد النبي أفندي]
ابن الشيخ محمد القصري، وكان عالماً فاضلاً حسن المعاشرة والمفاكهة وجيهاً إلى دار الخلافة العثمانية.
وولي خطة القضاء بتونس، ولما توفي والده عوضه إماماً وخطيباً بجامع القصر، ولازم ذلك إلى أن توفي في المحرم الحرام سنة ١١١٦ ست عشرة ومائة وألف عليه رحمة الله آمين.
ومنهم:
[٧ الشيخ محمد ولي الدين]
[٨ والشيخ أحمد أفندي]
إلى غير ذلك من أجلة الأفاضل الذين زانوا تلك الولاية عليهم رحمة الله.
وقد استمر العمل على ذلك مائة وخمسة وسبعين سنة إلى عهد الباشا علي بن محمد بن علي تركي، فاستأذن الدولة العلية العثمانية في تقديم القاضي من علماء الحاضرة، وورد له الإذن بذلك، فأقام قاضياً مالكياً وقاضياً حنفياً من أهل البلد، فكان أول قاضٍ حنفي تقدم لهاته الخطة بحاضرة تونس الشيخ أحمد الطرودي. وها نحن نذكر المشايخ القضاة الحنفية من ذلك التاريخ إلى هذا العصر فنقول وبالله نستعين:
[٩ الشيخ أحمد الطرودي]
هو الشيخ أبو العباس أحمد بن مصطفى الطرودي حفظ القرآن على صغر سنه وجوّده على خطيب جامع الحلق وصاحب السجادة بجامع الزيتونة الشيخ أحمد عزوز، وتصدى لقراءة الفقه والفرائض على الشيخ محمد الكفيف، وقرأ النحو والتوحيد على الشيخ محمد بن قاسم الغماري، ولازم الشيخ محمد زيتونة، وقرأ على شيخ المدرسة المنتصرية الشيخ محمد بن عميرة الصفار والشيخ سعيد المحجوز وأخذ عنه سنده العالي في الحديث، وأخذ علم القوم على الشيخ مصطفى البايلي وسلك طريق الله مع الأستاذ الشيخ سيدي علي عزوز رضي الله عنه.