ونشأ في خدمة العم الشريف فقرأ على عمّه الشيخ محمد بن الخوجة سيدي خالد والأزهرية والقطر والمكودي والدرر وقطعة من صحيح البخاري وقرأ على الشيخ محمد بيرم الرابع شرح سيدي حسن علي منظومة ابن وهبان والدرر، وقرأ على الشيخ محمد معاوية المكودي والأشموني والعصام والكنز، وقرأ على الشيخ محمد النيفر الفاكهي واللفية والأشموني عليها والسعد وقطعة من صحيح البخاري وقرأ على الشيخ محمد بن عاشور الأشموني على الألفية، وقرأ على الشيخ مصطفى بيرم الألفية، وقرأ على الشيخ إبراهيم الرياحي نبذة من الموطأ.
وجلس للتدريس وتقدم للرتبة الثانية بجامع الزيتونة في لاثامن عشر من أشرف الربيعين سنة ١٢٦٥ خمس وستين ومائتين وألف، ثم ما لبث أن ارتقى للرتبة الأولى في المحرم سنة ١٢٦٦ ست وستين ومائتين والف، ولازم التدريس بجامع الزيتونة واعتنى بالفقه والنوازل حتى صار فقيهاً خبيراً بفروع المذهب الحنفي، له معرفة بتعبير الرؤيا حسن الأخلاق حسن التعبير في درسه. قرأت عليه قطعة من شرح المقدمة لابن هشام.
وتقدم للتدريس بالمدرسة الصادقية عند فتحها فرأينا تلامذته في مواكب الامتحانات كلهم محصل على جميع مارواه عن أستاذه. ولمّا توفي المدرس الشيخ محمد الستاري منسلخ ربيع الثاني سنة ١٢٩٧ سبع وتسعين تقدم عوضه خطيباً وإماماً ومدرساً بجامع القصر فكانت أول خطبة خطبها به من إنشائه يوم الجمعة سابع جمادى الأولى سنة ١٢٩٧ سبع وتسعين ومائتين وألف.
[الشيخ عمر بن الشيخ]
هو شيخنا أبو حفص عمر بن أحمد بن علي بن حسن بن علي بن قاسم زعوقة عرف ابن الشيخ. أصلهم من قرية الماتلين بمقربة رأس الجبل قرب غار الملح، وقد حج جده قاسم بيت الله الحرام وولي مشيخة الحكم على قرية الماتلين إلى أن توفي سنة ١١٩٥ خمس وتسعين ومائة وألف، فخلفه في المشيخة ولده حسن إحدى وخمسين سنة وكان فيمن دافع عن بنزرت حين ورد إليها العدو من قبل البحر وتوفي في شعبان سنة ١٢٤٦ ست وأربعين ومائتين وألف وترك ولده علياً خطيباً بجامع الماتلين، وقد اشتهر عليه لقب ابن الشيخ، وكان خيراً ملازماً لقراءة القرآن يتمنى كثيراً حج بيت الله الحرام والموت هنالك، وقد أجاب الله أمنيته فقد أتم الحج والزيارة وتوفي بالينبع، ودفن هنالك في المحرم سنة ١٢٩٧ سبع وتسعين ومائتين وألف وأما ولده أحمد فقد تقلّب في خدمة الدولة قدمه شاكير صاحب الطابع لخلاص أعشار غار الملح وعمله عند امتناع جده لعجزه وامتناع والده مراعاة لخطة الإمامة فقام بذلك قياماً تستحسنه الدولة حتى تيسر له بذلك أخذ خدمات كثيرة منها استلزامه لمحصول المحصولات ريع الفواكه والخضر والبقول بباب البحر.
واستمر في خدمة الدولة إلى أن ولي المقدس المشير الثاني فكان ممن لزم بيته وأقام ببلد رأس الجبل وحج بيت الله الحرام سنة ١٢٩٤ أبع وتسعين ورجع إلى بلده مشتغلاً بما يعنيه.