للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكسا علاه حلةً من بهجة ... محرابه والمنير العالي المقام

فسل المهيمن يكسه حلل الرضى ... ويهب له الخيرات في دار السلام

وبحقّه قل إن سئلت مؤرخاً: ... (هذا الهمام ابن الإمام ابن الإمام)

[١٠]

الشيخ يوسف برتقيز هو الشيخ أبو المحاسن يوسف بن محمد بن سليمان بن عبد الله برتقيز، جده عبد الله هو الذي هاجر إلى دين الإسلام، وولد صاحب الترجمة بزغوان سنة اثنتين وتسعين ألف. وقرأ بها القرءان وجوده برواية نافع على الشيخ حسين بالزاوية العزوزية، وقرأ هنالك على الشيخ أحمد الهرميلو الأندلسي نبذة من النحو وشرح السعد على العقائد النسفية وارتحل إلى باجة فأخذ عن الشيخ حميدة بها بهجة السيوطي ومختصر السعد والعروض.

ثم ارتحل إلى مصر فقرأ على الشيخ أحمد العقدي الفقه والأصول، وقرأ على الشيخ خليل تلميذ الحموي قطعة من الهداية، ثم ارتحل لحج بيت الله الحرام وجاور الحرم الشريف وقرأ على الشيخ عبد الله بن سالم البصري الحديث وقطعة من المبسوط للسرخسي ونبذة من الكنز وشرح ملا مسكين ونصف الملتقى.

ثم رجع إلى تونس على عهد المقدس حسين باشا بن علي تركي فأحضره عنده لإقراء أبنائه، ولما توفي الداي قارة مصطفى عوض منه إمامة الحاج علي فاصطفاه لنفسه وأقبل عليه بكليته وأناله من عنايته به الحظ الأوفر لما رأى عليه من النصح في تعليم أبنائه وحسن عنايته بهم حتى بلغوا به إلى مراتب العلماء.

وكان الأمير حسين باشا يجل منزلته فولاه من الإقبال ما لا كفاء له حتى أنه كل يوم عند خروجه من محل الحكم يدخل إلى بيت الإمام المذكور ويعلمه بجميع متعلقات الدولة، وعند ذلك يعرض عليه الشيخ شكايات بعض المظلومين من قبل العمال وبعض مطالب لذي حاجة عرضها ويجري فصل جميع ذلك في بيت الإمام حتى كانت تسمى المحكمة الثانية.

ولما توفيت زوجة الشيخ وتكدر من وفاتها ورام التسلي جهزه الأمير حسين أكمل جهاز من مال الغنائم الحلال وأرسله ليحج عنه فخرج خروجاً لازال حديثه مطراً في جباه مسطور التواريخ، وأقبل كذلك، وعند وصوله لطرابلس أرسل له الأمير كروسته وعند قربه من الحاضرة أرسل له ابنيه محمد باي وعلي باي فتلقياه في طريقه وعند وصوله تلقاه وعظم قبوله بنفسه غاية التعظيم.

ولما توفي الشيخ علي الصوفي قدمه مفتياً ثانياً سنة ١١٤٣ ثلاث وأربعين ومائة وألف، وأولاه إماماً ومدرساً بجامع محمد باي ونزل من باردو لسكنى الحاضرة بعد أن اشترى له الأمير داراً ببئر الحجاز من أعظم ديار تونس ثم أضاف إليه خطبة جامع محمد باي وكان ولد الشيخ أحمد قرأ مع أبناء الأمير على والده وعمره يومئذ سبع عشرة سنة فقدمه الأمير لإمامته عوض والده براً به فأقبل الشيخ على بث العلم، وشرح متن القدوري شرحاً سماه المنن. وقد وقفت على رسالة في جمع أسماء رجال الطبقات للشيخ عبد الوهاب الشعراني وتلخيص تراجمهم ذكر في أخرها أنه وافق الفارغ من اختصارها ببلد باجة يوم الخميس الثامن من شوال سنة ١١١٨ ثماني عشرة ومائة وألف ورأيت بخط حفيده إمام جامع القصر الشيخ محمد ابن الشيخ حمودة صاحب الترجمة ما نصه: "إن أول من اتخذ ركاب الحديد المهلب بن أبي صفرة وكانت ركب العرب من خشب قال جدي في رياض الفنون على رسالة ابن زيدون"أ. هـ.

غير أني لم أقف على هذا الشرح وله تأليف سماه "المعالم في ألقاب ملوك العالم" لك أقف عليه أيضاً. وقد رأيت في شرحه على المنن في ترجمة الإمام أبي حنيفة أن له كتاباً سماه تيجان العقيان، في تجريد جامع مسانيد النعمان، وأنه شرحه شرحاً سماه اليواقيت الحسان، غير أني لم أقف على واحد منهما، وقد نظم هداية الصبيان في العبادات على مذهب أبي حنيفة وقد قال في مطلعها: [الرجز]

الحمد لله الذي كرّمنا ... على جميع الخلق إذ صورنا

بصورة شريفة خصصنا ... وببنا فكر الحجا شرفنا

أنقذنا من ظلمات الكفر ... عساه أن يحط وقر الوزر

منحنا بفضله الإسلاما ... علمنا العلوم والأحكاما

شكراً على مزية الإتباع ... لسنة النبي ذي الأتباع

صلى عليه الله سيد البشر ... وأفضل المخلوق من نبي أبر

والآل والأصحاب أهل الاهتداء ... بهم نجا يوم الجزا من اقتدى

<<  <   >  >>