للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومناه تنمية العلوم وإنما ... هامُ المنى بظبا المنايا تقطع

(وإذا المنية أنشبت أظفارها ... ألفيت كل تميمة لا تنفع)

والموت يعتام الكرامَ ويصطفي ... أخيارهم ولكل جنب مصرع

بكت الدفاتر والمحابر والمزا ... بر والمنابر والمفاخر أجمع

لأفولِ شمس هداية لا يرتجى ... منها لآفاق المحافل مطلع

نسخت ظلال ظلاله أنوارها ... وبها غدت ظلمات ظلم تقشع

من شاد ديوان الشريعة فاغتدى ... لشتيت شمل الحكم فيه تجمّع

وحبا دروس العلم تنظيماً به ... عمرت لها بعد الدروس الأربع

أمّا ميادينُ الكلام فإنه ... فيها المبرز والبليغ الأبرع

ولنفسه حريةٌ وتواضعٌ ... ودماثةٌ وديانةٌ وتورعُ

ورياسةٌ علمية وسياسة ... شرعية وفراسة لا تخدع

قل للذين يشيّعون سريره ... إن لم يكونوا قد دروا من شيعوا

هذا إمامكمُ وعمدة دينكم ... وعلى حقوقكم السياجُ الأمنع

هذا نصيحكمُ الصدوق، وصدره ... من كل أضغان وحقد بلقع

كم قوبل الإحسان منه بضده ... فعفا وكلٌّ حاصد ما يزرع

واها لذا الطودِ المنيف يقله ... بعد العلي والعز ذاك الشرجع

سارتْ بسير سريره الأسرار والآ ... داب لكنْ أقسمت لا ترجع

لا همَّ يا من قد تفرد بالبقا ... ولكل عسر منك يسرٌ يتبع

وافاكَ ذو القلب السليم فوقِّه ... ما يقتضيه الفضل منك الأوسع

وارفع منازلة لديك فطالما ... قد كان قدر ذوي المعارف يرفع

وأنله رب جزاء ما قد كان من ... فعل جميل معْ عبيدك يصنع

فعلى الموالي غرم دينِ عبيدهم ... والكلُّ من أنهار جودك يكرع

وله عليّ دينُ ودٍّ ليس لي ... في أن أكافيه عليه مطمع

كمْ كنتُ أستشفي به في معضل ... فيبينهُ وبغيره يتبرع

كم كنت أبصر فغي مرايا رأيه ... وذكائه تمثال ما كنت أتوقّع

كم كنت أروي عن بديعة فكره ... غرر القوافي نشرها يتضوع

لكنَّ ما حصلت من آدابه ... أضحى يبدد درّها لي مدمع

فانظر بهذا النظم هل تلفي به ... معنى برقته يشنّف مسمع

يا رب صدّق فيه قولَ مؤرخ: ... (مثواه في أعلى الجنان مرفّع)

[٢٦]

[الشيخ علي الدرويش]

هو الشيخ أبو الحسن علي بن يوسف بن علي بن يوسف بن أحمد الدرويش أصله من باجة، وقد ظهرت على جده كرامة لقب من أجلها بالدرويش.

ولد ضحى يوم الاثنين السادس عشر من شعبان ١١٩٨ ثمان وتسعين مائة وألف، ونشأ في طلب العلم فأخذ عن فحول علماء عصره من المعقول على الشيخ أبي محمد حسن الشريف والشيخ أبي الصفاء الطاهر بن مسعود وتفقه على شيخ الإسلام البيرمي الثاني، والشيخ أبي العباس أحمد بن الخوجة، إلى أن حصل على الأمل من العلم والعمل، فلازم بث العلم بين أولي الفهم.

وقدمه الأمير محمود باشا إماماً لمسجد بيت الباشا بباردو المعمور يصلي فيه ويروي صحيح البخاري صبيحة يوم الأحد الثاني عشر من المحرم سنة ١٢٣٠ ثلاثين ومائتين وألف عند عزل الشيخ محمود بن باكير، وذلك عاق علمه عن عموم البث.

وتقدم لخطة القضاء يوم الأحد الموفي عشرين من ربيع الثاني سنة ٣٢ اثنتين وثلاثين، وعوض عنه في الإمامة الشيخ أحمد البارودي فامتنع من التخلي عن الإمامة، وعلى كل حال ألزم لخطة القضاء فقام بأعبائها نحو التسع عشرة سنة بعلم وتثبت دين.

ثم إن الأمير مصطفى باشا قدمه للفتيا صبيحة يوم الأحد السادس والعشرين من جمادى الثانية سنة ١٢٥١ إحدى وخمسين ومائتين وألف فأولاه مفتياً رابعاً لمحضر أهل المجلس الشرعي تقدمه البيرمان الأخيران والبرودي الأخير، غير أنه لما توفي شيخ الإسلام وقدم المشير الأول على البارودي المذكور المفتيين على ما ذكرناه آنفاً صار صاحب الترجمة مفتياً خامساً. وعلى كل حال فقد قام بالخطة بتثبيت وتحرير ومحافظة على مروءته مع الإقراء بجامع الزيتونة حيث تقدم لخطة التدريس في المرتبة الأولى ابتداء عند وضع الترتيب الأحمدي.

وكتب حاشية على شرح الشذوذ لابن هشام.

<<  <   >  >>