للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخلين من كسرى محل سريره ... وسلبن تاج الملك من بهرام

وأرعْن بالحدثان كل مملك ... ونبذن بالجزعان كل إمام

أمم حدا بهم الحمام فأسرعوا ... وتبددوا كالعقد بعد نظام

وحواهم سلك الفناء كما حوى ... هذا المملكَ بعد عز مقام

رحل ابن محمود حسين وانطوى ... كالبرق أسرع عليه ثوب ظلام

فهوى به عيش المكارم واكتسى ... وجه الزمان عليه ثوب ظلام

إن ما تحاماه الحمام فإنه ... نّمَّى الحماة لشوكة الإسلام

ولكان حباب الأمور مجربا ... بادي البشاشة سابغ الأنعام

خمدت بدولته الحروب وأخصبت ... فيها الذرى للناس والأنعام

يا واقفاً بضريحه استغفر له ... بعد السلام عليه ألف سلام

وعليه من منن المهيمن رحمة ... موصولة تقضي له بدوام

ما قال لما اقبروه مؤرخ: ... يا قبر ألقي فيك بدر تمام

[٩ت المولى مصطفى باشا باي]

[١٢٠١ ١٢٥٣] هو الأمير أبو النخبة مصطفى بن محمود بن محمد الرشيد ين حسين بن علي تركي. ولد عام واحد ومائتين وألف، وتربى في حجر اعتناء والده، ولما فوض والده وجميع مدة دولة أخيه، فكان أعرف الناس بأحوال أطراف المملكة وأحوال الأعراب وأهل المدن والقرى.

ولما توفي أخوه تقدم للملك فبايعه الناس البيعة الخاصة بمجرد وفاة أخيه في الحادي عشر من المحرم الحرام سنة إحدى وخمسين وما ئتين وألف، وبعد ذلك هرع الناس لبيعته وتهنئته. فابتدأ الأمر من حيث انتهى إليه أخوه ولم يغير شيئاً على الدولة، وأعاد المجلي الشرعي للاجتماع بين يديه على عادته السابقة يوم الأحد. ووفد عليه من الدولة العثمانية نيشان أمير الأمراء، فلبسه في اليوم العاشر من شعبان سنة إحدى وخمسين ومعه سيف محلى، فهو أول من لبس النيشان المذكور في ذلك اليوم المشهوج، وهو أول يوم ضربت فيه النوبة النظامية.

واعتمد على مصطفى صاحب الطابع وصهره مصطفى آغا وجرى على سنن أخيه في الاعتناء بالعسكر النظامي وأتم بناء قشلة المركاض وحشد إليها كتائب العساكر في سنة اثنتين وخمسين وهو أول من صاغ نيشان الافتخار ونقش عليه اسمه بالألماس. وقد بني زاوية الشيخ بن مسيكة. وأحيا مسجد الطراز ورتب به قراء ومحدثين. واستناب كبير أ÷ل الشورى من العلماء المالكية الشيخ إبراهيم الرياحي في حج بيت الله الحرام. وكان براً بأخيه المقدس وبنيه الكرام مع أن له ولدين وهما أحمد باي، ومحمد الأمين باي. أما الثاني فقد توفي سنة ثلاث وتسعين، وأما الأول فكان ولي عهد والده ومع ذلك جعل ولاية الأمحال يتناولها ولده ولي عهده المذكور وأكبر أبناء أخيه مرة بعد مرة.

وقد عرف بالرأفة وكرم النفس والذهن الوقاد في فهم ما يرد عليه من النوازل إلى غير ذلك من الخصال الحميدة التي نالها بكرم أصله. وكانت أيام دولته أيام وسكون إلى أتاه أجله فسار إلى رحمة ربه يوم الثلاثاء عاشر رجب سنة ثلاث وخمسين ومائتين وألف، ودفن بالتربة عليه رحمة الله ورثاه الشيخ محمد الخضار بقوله: [كامل]

جد الرحيل إلى أشط قرار ... والركب شد حيازم الأكوار

والدهر يعبث بالكرام وينتقي ... قبل الأراذل أنفس الأحرار

لم ينج من حدثانه ذو موكب ... حفل ولا ذو جحفل جرار

آلي الزمان بحلفة مبرورة ... أن لا يغض الجفن عن ديار

منع البقاء ولا بقاء لراحل ... يطوي سواد الليل إثر نهار

نزل الحمام بساحة من دونها ... شهب الدجى ومنازل الأقمار

فلذا همت ديم الدموع زواخرا ... تبكي الدفين بوابل مدرار

والملك السلطان ليس لذي يد ... في الدهر بل للواحد القهار

هذا الضريح لمصطفى بن أبي الثنا ... ناهيك من ملك عزيز الجار

قد كان براً بالرعية رافعاً ... للشرع أعلى رتبة ومنار

ذا عفة ونباه وسماحة ... وجلالة وسكينة ووقار

يعفو عن الزلات بعد تمكن ... فضلاً ويقبل من ذوي الأعذار

فعليه من منن الإله عواطف ... تسقي ثراه برحمة الغفار

لما مضى لسبيله أرخته ... ماضي له الفردوس أكرمُ دار

[١٠ المولى المشير أحمد باشا باي]

[١٢٢١ ١٢٧١]

<<  <   >  >>