ومضى إلى دار الكرامة معقباً ... مجرى الأجور (فنعم عقبى الدارِ)
قد كان ما يرجوه في تاريخه ... (ساق العفيف إلأى أعز قرارِ)
[٤٣ الشيخ صالح النيفر]
تقدم استيفاء ترجمته في الأيمة وقد تقدم لحظة الفتيا في غرة صفر الخير سنة ١٢٨٠ ثمانين وألف فولي مفتياً سادساً، ولما توفس محمد البنا صار مفتاً خامساً، ولما توفي الشيخ الطاهر بن عاشور صار مفتياً رابعاً، ولما توفي الشيخ أحمد بن حسين تقدم للرئاسة على من قبله ولازمها إلى أن توفي عليه رحمة الله آمين.
[٤٤ الشيخ محمد الشاهد]
هو شيخنا أبو عبد الله محمد ويدعى حمدة بن محمد بن عثمان بن عمر بن سلامة شهر الشاهد من ذرية الولي الثالح الشيخ سيدي عمر الكناني دفين ضواحي القيروان رضي الله عنه، وكان انتقال آبائه من القيروان في إحدى الفتن إلى تبرسق فنزلوها وتناسلوا بها وكان لعمر بن سلامة المذكور ولدان وهما علي وعثمان، أما علي فكان عالماً ليلاً واي خطة القضاء بتبرسق وأما عثمان فكان عدلاً ثقة وفيه صلاح تقلد خطة العدالة ولم يشهد نحو الأربعين سنة ويقال إنه طولب لخطة القضاء بعد وفاة أخيه فلم يجب وارتجل إلى تونس وتوفي بها وترك ولده محمد بفتح أوله في إبان بلوغه فقرأ على الشيخ محمد الشحمي وغيره وتقدم الإشهاد وعاش نحو التسعين سنة وتوفي عام ١٢٥٥ خمس وخمسين ومائتين وألف.
وقد ولد ولده صاحب الترجمة نحو سنة ١٢٢٠ عشرين ومائتين وألف وقرأ القرآن العظيم باعتناء والده، ونشأ نشأة صالحة فأخذ في قراءة العلم سنة ١٢٣٦ ست وثلاثين وجود القرآن العظيم بروايات ست إلى أن ختم البقرة على الشيخ محمد المشاط، وقرأ عليه شرح الشيخ خالد على الآجرومية، وقرأ على الشيخ محمد الخضار قطعاً من سيدي خالد والقطر والفاكهي والقاضي علي الخزرجية، وقرأ على الشيخ فرج التميمي قطعة من المكودي، وقرأ على الشيخ أحمد بن الطاهر نبذة من المختصر الخيلي، وقرأ على الشيخ أحمد زروق شرح القاضي علي إيساغوجي، وقرأ على الشيخ أحمد بن حسين قطعة من الخبيصي، وقرأ على الشيخ محمد بن معاوية نبذة من القطر ونبذة من الشذور، وقرأ على الشيخمحمد بن ملوكة شرح الدرة للمص وشرحه عليها والسلم والألفية، وقرأ على الشيخ محمد بن الخوجة مختصر السعد، وقرأ على الشيخ أحمد الأبي الفاكهي والأشموني والأربعين النووية، وقرأ على الشيخ محمد بيرم الثالث شرح العصام على السمرقندية ومختصر السعد، وقرأ على جدي الشيخ محمد السنوسي الخرشي على المختصر الخليلي من البيوع، وقرأ على الشيخ إبراهيم الرياحي قطعة من آخر المكودي وشرح الشيخ قدورة على السلم ومختصر السعد، وقرأ على الشيخ محمد المناعي نبذة من شرح الشيخ عبد الباقي على المختصر الخليلي، وقرأ نبذة منه على الشيخ إسماعيل التميمي.
وتصدى للتدريس بغاية المواظبة والاعتناء بتحرير المسائل وتقدم مدرساً في الرتبة الأولى ابتداء عند وضع الترتيب الأحمدي في رمضان المعظم سنة ١٢٥٨ ثمان وخمسين ومائتين وألف، ثم تقدم للإمامة بجامع الهواء ومشيخة المدرسة التوفيقية بعد تنقل الشيخ أحمد بن حسين لخطبة جامع أبي محمد عند وفاة الشيخ علي الرياحي فزان الجامع بخطبه وأختامه الرائقة مع مواظبته على التدريس بجامع الزيتونة ختم بها كتباً كثيرة. وتقدم مفتياً سادساً في ثالث ربيع الأول سنة ١٢٧٧ سبع وسبعين ومائتين وألف.
وهو عالم محصل دراكة في المعقول والمنقول، كان يقرئ المطول بالمدرسة الشماعية ويحضر دروسه كثير من أعيان العلماء وهو يقرئ كل يوم من المطول وحواشي السيد والسيلكوتي عدة ورقات يستمر في إلقائها من الضحى إلى قرب الزوال مع غاية الإفصاح والإلمام بما احتوت عليه من دقائق الأنظار وحل المشكلات وقد كان بعض النقادة من تلامذته يورد عليه البحث المتعلق بكلام السلكوتي فيطرق مفكراً ثم يأتي بالعجب العجاب وناهيك به من قدوة فاضل حسن الأخلاق بعيد عن التصنّع معدود من بركة السلف الصالح حسن النية يسكن بربض سيدي منصور ويحضر جامع الزيتونة كل يوم راجلاً لا يتكلف شيئاً في سيرته ومعاملته مواظب على الإقراء أخذ عنه كثيرون، درسه سهل المأخذ حسن العبارة لا يخرج في درسه عن محل الحاجة إلا بما لابد منه وقد قرأت عليه قطعة من أول شرح الشبرخيتي على الأربعين النووية.