فالواقع يدعو إلى الرفق لا إلى ضده كما وقع لأكثر أهل المملكة بعد خمود لهيب الفتنة من الشدة والعسف والانتقام، وسلب النعمة غلى غير ذلك مما نفر القلوب المرضى.
ولله در القائل: [الكامل]
أحذر منافرة القلوب فإنها ... ورجوعها للود أمر يعسر
إن القلوب إذا تنافر ودها ... مثل الزجاجة كسرها لا يجبر
وقد تنبأ لدولة الأمير الصادق بالاضمحلال واستكانت الإيالة المسكينة ولسان حالها يقول: (للباطل جولة ثم يضمحل) %.
[ملحق (٤)]
[الكومسيون المالي]
الكومسيون المالي اجمل الحديث عنه صاحب المسامرات مع انه أحدث لإنقاذ البلاد من الإفلاس لأن الحال بلغت أقصى التدلي مما يعقبه الإفلاس للدولة.
وقد تحدث عنه حديث عارف به الشيخ بيرم الخامس مبيناً أن الوزير خير الدين حين رئاسته للكومسيون بدأت تظهر إصلاحاته وتمكن من الإصلاح بسبب أنه لم يقبل رئاسة الكومسيون إلا بعد أن اشترط شروطاً.
فإنه لما شددت الجانب في طلب أموالهم وأنشئ الكومسيون المالي باتفاق الدول دعاه الوالي إلى رئاسته فامتنع وبعد إلحاح ورد وبعد توثقة من الوزير مصطفى خزندار قبل رئاسة الكومسيون المالي.
ويثبت الشيخ بيرم الخامس أنه منذ سنة ١٢٨٦ كل ما هو من التصرفات هو للوزير خير الدين وشرح كيف أن الوزير خير الدين أدار كفة الكومسيون المالي.
(وذلك أن الوزير مصطفى خزندار عطل أموره مما أدي إلى تشكي قناصل الدول الممثلة في الكومسيون المالي وهي فرنسا وإيطاليا وإنكلترا فراجع الوزير خير الدين الوالي وطلب منه الإعانة على المهمة الشاقة التي أنيطت به فأمضى الوالي مطلب الكومسيون ولأجل إعطاء الكومسيون المالي نفوذاً يحفظ حقوق الحكومة مع أن الكومسيون المالي يتصل برغبته، وذلك في توظيف رئيس الكومسيون بوظيفة وزير للوالي في رتبة الوزير، الكبر، وتنقل خدمة الكومسيون إلى الوزارة ويكون مصدر جميع الأعمال واحداً) .
وقد بسط القول في ذلك في (ج?٢ ص٥٣ من صفوة الاعتبار) .
وكذلك تعرض له صاحب الإتحاف في (ج?٦ من ص١١٩ وما بعدها من إتحاف أهل الزمان) فذكر نص قانون الكومسيون المالي، وهو في أثني عشر فصلاً.
وكان ختمه بسراية الوادي في ٢٦ من ربيع الأول سنة ١٢٨٦ (٦ جويلية سنة ١٨٦٩) .
وأتبع ذكر القانون بالأوامر الصادرة في تعيين رئيسه وتعيين أعضائه.
وحديث ابن أبي الضايف عن الكومسيون كان مقتضياً لنه كما ذكر بقلمه أدركه الضعف.
?إبطال الكومسيون
تناولت الإدارة الفرنسية بعد الحماية أشياء متعددة بالنسخ، منها إبطال الكومسيون المالي.
وجاء إبطاله في العدد ٤٩ من جريدة الرائد الرسمي المؤرخ في ١٣ ذي الحجة سنة ١٣٠١.
افتتح هذا الأمر بمخاطبة الوزير الأكبر محمد العزيز بوعتور بأن الأمير أمر بما يأتي: الفصل الأول: أبطلنا بعد اليوم ١٢ من أكتوبر الإفرنجي سنة ١٨٨٤ مسيحية الكومسيون المالي الذي أحدث بالأمر العلي المؤرخ في ٢٦ ربيع الأنور سنة ١٢٨٦ الموافق ليوم ٥ جويلية من يولية الإفرنجي سنة ١٨٦٩.
وكذلك مجلس المداخيل المعطاة للدين الواقع ترتيبه عملاً بالتأويل المنعقد في ٢٣ مارس سنة ١٨٧٠ ما عدا ما يتضمنه الفصل الرابع الآتي: وبموجب ذلك على مجلس الإدارة المذكورة أن يسلم خدمته يوم ١٢ من أكتوبر المذكور مساء لإدارة القمارق ولإدارة الإداءات المختلفة ولقابض الدولة العام بالحاضرة وبالجهات الأخرى التي له فيها نواب.
وبناءً على ذلك فإن الموجود تحت يد المجلس المذكور من المبالغ دون كاغد التانبر، ومن الرهونات التي دفعها نوابه، واللزامة تدفع لقابض الدولة العام محلات بلدان العمالة الأخرى إن كانت المبالغ والرهونات المذكورة من علائق البلدان الأخرى.
وأما الكاغد التانبر الموجود بالحاضرة فإنه يدفع لقابض عموم الأداءات المختلفة وأن كان بغير الحاضرة فإنه يدفع لنواب الكمرك عند تسليم المبالغ والرهونات المتقدم ذكرها لهم.
ويشتمل هذا الإبطال على ثلاثة عشر فصلاً من أهمها الفصل الخامس: إدارة المال تتولى استخلاص جميع مداخيل المملكة كما أن جميع المشارعات التي يقتضيها الحال يباشرها مدير المال بدولتنا أو من ينوبه فيها.