وسمع من علي بن زياد ورحل إلى المشرق سنة ١٧٢ اثنتين وسبعين ومائة فقصد مالك بن أنس رضي الله عنه، وسمع منه، ثم رغب في ملاقاة الرجال وارتحل فلقي من أصحاب أبي حنيفة القاضي أبا يوسف ومحمد بن الحسن وأسد بن عمرو ثم سمع الحديث عن يحيى بن أبي زيادة وعن المسيب بن أبي شريك وهيثم بن بشير.
وسمع الفقه بمصر عن عبد الرحمن بن القاسم وعنه دوّن الأسدية وقدم بها إلى القيروان ثم ولاه زيادة الله بن الأغلب قضاء إفريقية سنة ٢٠٤ أربع ومائتين فكان يقضي مع أبي محرز ولم يعهد اجتماع قاضيين بالقيروان غيرهما، كل منهما يقضي في موضعه، ولم يزل كل منهما يقضي إلى أن أراد زيادة الله بن الأغلب غزو صقلية فاختار أسد بن الفرات أميراً على الجيش وأرسله ففتحها، غير أنه أصيب بجراحات مات بها هنالك محاصراً لسَرقُوسة في شهر ربيع الأول سنة ٢١٣ ثلاث عشرة ومائتين ودفن هنالك رحمه الله.
[١٠ أحمد بن أبي محرز]
هو القاضي أحمد بن أبي محرز محمد بن عبد الله بن قيس بن مسلم الكناني. لما توفي والده أحضر زيادة الله بن الأغلب من هم مظنة الأهلية فامتنع عليه جميعهم ولما لم يتعين عنده من يقدمه أمرهم بالإقامة في بيته وخرج ودس لهم من ينظر من يقدمونه للصلاة عند حضورها فقدموا أحمد المذكور فصلى بهم ولما بلغ ذلك إلى زيادة الله قال رضيت من رضوه وغصبه على الولاية فولاه قضاء إفريقية سنة ٢١٤ أربع عشرة ومائتين.
وكان بحراً من بحور العلم، حافظاًللسنن عارفاً بأصول الديانات من أهل الورع والكرامات قامعاً لأهل الأهواء ولما حضرته الوفاة أوصى بكتم موته وتوفي في جمادى الثانية سنة ٢٢١ إحد وعشرين ومائتين، عليه رحمة الله آمين.
[١١ الشيخ الإمام سحنون التنوخي]
هو القاضي أبو سعيد سحنون بن سعيد بن حبيب التنوخي ولد سنة ١٦٠ ستين ومائة.
وسمع بإفريقية من علي بن زياد والعباس بن أشرس والبهلول بن راشد وعبد الله بن غانم ومعاوية الصُّمادحي، ورحل إلى المشرق سنة ١٨٨ ثمان وثمانين ومائة فسمع بمصر من ابن القاسم وابن وهب وأشهب وابن عبد الحكم وشعيب بن الليث ويوسف بن عمر، وسمع بالمدينة من عبد الله بن نافع ومعن بن عيسى وأنس بن عياض وابن الماجشون ومطرف والمغيرة بن عبد الرحمن، وسمع بمكة من سفيان بن عيينة وعبد الرحمن بن مهدي.
ورجع إلى القيروان سنة ١٩١ إحدى وتسعين ومائة فنشر مذهب عالم المدينة ثم أكرهه أحمد بن الأغلب على ولاية قضاء إفريقية بعد أن عزل القاضي ابن أبي الجواد الذي كان يذهب إلى رأي الكوفيين ويقول بخلق القرآن وقد لبث أحمد بن الأغلب سنة في مراودة سحنون حتى أولاه بعد أن التزم بجميع ما شرط وذلك في رمضان سنة ٢٣٤ أربع وثلاثين ومائتين. ولازم القضاء بفقه ودين وورع إلى أن امتحن من ابن أبي الجواد، وتوفي منتصف يوم الأحد سادس رجب الأصب سنة ٢٤٠ أربعين ومائتين رضي الله عنه.
[١٢ سليمان بن عمران]
هو القاضي أبو الربيع سليمان بن عمران ولد في شعبان سنة ١٨٣ ثلاث وثمانين ومائة وتفقه على فحول المذهب.
ولما طلب أحمد بن الأغلب سحنون للقضاء قال له: لا يصلح له غيرسليمان بن عمران ثم ولاه سحنون قضاء باجة شكوه إلى سحنون بأنه يحكم بمذهب أبي حنيفة رضي الله عنه فقال لهم: ما قدمته عليكم إلا وأنا أعلم أنه يحكم بمذهبه، فانصرف فلما مات سحنون أوتي به إلى القيروان فولي قضاء إفريقية، وكان ذا حضرية ولطف وحسن فراسة، وكان ابن التبان يقول: لم يكن سليمان يقول بخلق القرآن. وقد عزل ورجع مراراً، وتوفي ليلة السبت لسبع بقين من صفر سنة ٢٧٠ سبعين ومائتين.
[١٣ عبد الله بن طالب]
هو القاضي أبو العباس عبد الله بن أحمد بن طالب التميمي وكان فقيهاً ورعاً سخياً.
وُلّي إمامة جامع القيروان بعد ابن أبي الحواجب، ثم ولاه إبراهيم بن أحمد بن الأغلب قضاء إفريقية عند عزل سليمان بن عمران سنة ٢٥٧ سبع وخمسين ومائتين، ثم لما راى ميلَ الناس إليه أخّره سنة ٥٩ وأعاد سليمان بن عمران ولما هاجر سليمان عزله وردّ ابن طالب سنة ٦٩ تسع ستين ثم عزله سنة ٧٥ وولّى عوضه ابن عبدون.
وسجن لإنكاره أفاعيل إبراهيم بن الأغلب فتوفي شهيداً، عليه رحمة الله.
١٤ حمّاس بن مروان