بني نبفرٍ صبراً فهذا سبيل من ... يعيش ولو قد عاش في دهره ألفا
وما بيتكم في المجد إلا كعهده ... سنى عزّه إن شاء ربي لا يطفا
على أنه قد فاز بالفضل والرضا ... وخلف ذكراً طاب ترديده عرفا
وبلَّغ في الدنيا الذي شاء من علا ... ولم يرغم العداء من عزه أنفا
فألبسها من عدله وعلومه ... ملابسَ قد زانت لها الصدر والعطفا
عليه من الرحمن أزكى تحية ... تقر بها عيناه في جنة الزلفى
وحقق فيه الله قول مؤرخ: ... إلى خير مأوى على صالح قد زفا
وعندما أدرجت المرثية المذكورة في هذه الترجمة كتب إلي جناب منشئها الأخ العالم بقوله: [البسيط]
بوَّأتني محض فضل نزل علياء ... والحبُّ يفضي لإسهاب وإطراء
طما وادي لديكم فارتمت دررٌ ... من عذبه صعدت أنفاس أعداء
أهديت أيَّ صنيعٍ لن يوفيهُ ... شكري ولو نشرته كلُّ أعضاء
أودعته عند من يدري بقيمته ... برّ شكور فقل يا نجح أسداء
أعرتني بعض أوصاف خصصت بها ... تفضلاً وغضضتم أي إعضاء
شكراً لكم من أخ بر حبيت به ... أنزلته من فؤادي في السويداء
إبريز من أمسوا أخواني وعمدتهم ... وسيد كم رقى أوجاً لعلياء
فيا له من صديق قد ظفرت به=صينت صداقتنا عن كلّ أقذاء
[الشيخ محمد الشريف]
هو الشيخ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الكبير بن احمد بن محمد بن أحمد الشريف إمام مسجد دار الباشأن وهكذا سلسلته المنتهية إلى شجرة المنتهى محمد خير خلق الله صلى عليه وعلى آله، فهو الإمام حفيد الإمام، مفخر آل البيت السادات الكرام.
[[ترجمة والده]]
أما والده فقد قرأ على عمه الشيخ حسن الشريف وعلى والده، وناب عنه في الإقراء بمدرسة حوانيت عاشور، وله مشاركة في الإقراء بمدرسة حوانيت عاشور، وله مشارمة في كثير من الفنون، وكان ذاكراً شاكراً محباً في الصلاة على رسول الله، له شغف بدلائل الخيرات، يحيى الليالي بالذكر والصلاة، كثير الرؤيا لجده هـ صلى الله عليه وسلم منها مرة رأى نفسه في حجره صلى الله عليه وسلم وهو يلثم يده الشريفة ويجد من لينها وريحها ما لم يعهد، وبقي أياماً وهو يقول: إنني الآن أجد طيب ريحهأن وكان مهاباً محترمأن جميع الناس يطلبون منه الدعاء وقد اتفق لبعض الناس أن افترى عليه في نازلة فدعا عليه فمات بقرب من ذلك، ولم يزل ملحوظاً بعين الإجلال، معدوداً في الصالحين من الرجال، إلى أن بلغ من العمر ستاً وأربعين سنة، وتوفي سنة ١٢٥١ إحدى وخمسين ومائتين وألف.
وخلف والده صاحب الترجمة وكانت ولادته في العشرين من المحرم الحرام سنة ١٢٣٤ أربع وثلاثين ومائتين وألف، وتربى في حجر عناية أبيه، فقرأ القرآن العظيم، وتصدى لتعلم العلم الشريف بجامع الزيتونة، فقرأ على مشايخ الإسلام البيرمي والخوجي ومعاوية، وقرأ على الشيخ محمد النيفر الأكبر، والشيخ الشاذلي بن صالح، وغيرهم من علماء الجامع، وولي في درسي جامع الزيتونة بعد وفاة عمه.
وحصل على إجازات كثيرة في الحديث، وقفت منها على سنده في صحيح البخاري: عن شيخ الإسلام محمد بن الخوجة عن المفتي المؤلف الشيخ حسن الشريف عن والده الشيخ عبد الكبير الشريف عن والده الشيخ أحمد الشريف عن الشيخ عبد الرحمن الكفيف عن الشيخ سعيد الشريف الطرابلسي عن القطب الشيخ أحمد الشريف إمام مسجد دار الباشا عن الشيخ السراوي المصري عن الشيخ سالم السنهوري عن الشيخ نجم الدين الغيطي عن الشيخ زكرياء الأنصاري عن الشيخ أحمد بن حجر شارح الصحيح عن الشيخ التنوخي عن الشيخ أحمد الحجار عن الشيخ حسين بن المبارك عن الشيخ أبي الوقت الهروي عن الشيخ الدراوردي عن السرخسي عن الشيخ محمد بن موسى الفربري عن الحافظ الشيخ محمد بن إسماعيل البخاري ثن الجعفي رحمه الله تعالى ورضي الله عنه.
ووقفت أيضاً على سنده المحمدي، وأجاز لي رواية المذكور بما له فيه من الأسانيد بعد أن رويت بين يديه نبذة منه رضي الله عنه غير أنه لم يجلس للإقراء إلا قليلأن ولازم رواية الشفا والبخاري بمسجد سيدي أبي حديد واجتمعت الجموع لأختمه، وهو ممن يظهر نعمة الله عليه، في نفسه ومن ينتمي إليه وله مع ذلك دعاء مستجاب، وخاطر ليس بينه وبين الله حجاب.