بأنا إخوان ومطلبنا واحد، وليس المراد منه الإفساد، فالواجب حفظ الأمن والراحة، وتأمين السبيل، ولا نتعرض لأحد بشيء سوى أتباع الحكومة فإذا أرادوا غصبنا على الظلم ندافع عن أنفسنا وأنذرت القبائل عمالهم الذين كانوا بين أظهرهم فمن أراد منهم التوجه إلى الحاضرة أوصلوه بأمان ومن أراد الإقامة منكفئاً عن التداخل في أمرهم أبقوه بأمان.
ولما توجه أمير الأمراء فرحات إلى الكاف لإجبار قبائل ماجر على ذلك الأداء تعرضوا له وقتلوه فشدد النكير علي بن غذاهم وقال لهم: أصل اتفاقنا تعرضوا وقتلوه فشدد النكير عليهم علي بن غذاهم وقال لهم: أصل اتفاقنا هو الدفاع عن أنفسنا وما ضركم الرجل إلا إذا حاربكم فدافعوا عن أنفسكم.
وكاتب المذكور رئيس الفتيا الشيخ أحمد بن حسين وطلب منه التوسط في الصلح مع الحكومة.
وحاصل مطالب الجميع إبطال الأداء الجديد وعزل الوزير مصطفى خزندار ومحاسبته.
فامتنع الوالي يعبر صاحب صفوة الاعتبار عن الأمير بالوالي لنه يرى أن تونس ولاية عثمانية فلا يحق له أن يلقب بالأمير بل بالوالي، أولاً من جميع مطالبهم واشتد الكرب على الحكومة حتى لم يبق أمر الوالي نافذاً إلا في الحاضرة ونحو اثني عشر ميلاً حولهأن واشتد الخوف في الحاضرة) .
وقد فصل الشيخ الوزير ابن أبي الضياف هذه الثورة تفصيلاً مدققاً واتى بأسبابها وكيف ابتدأت وهو ما أحمله غاية الإجمال صاحب صفوة الاعتبار.
وافتتح الشيخ وزير كلامه على هذه الثورة بمقدمة دقق فيها الأسباب من فداحة الافتراض الذي تسبب فيه جلب ماء زغوان إلى الحاضرة تونس مما أدى إلى أن تكون فائدة الدين أكثر من ثلث دخل المملكة التونسية حينذاك وهو اكثر من أربعة ملايين من الفرنكات لأن دخل المملكة وقتها لا يصل إلى خمسة عشر مليوناً من الريالات.
وإثقال كاهل الميزان بمصاريف الدولة فإن مرتب الملك وحده مليون ومائتا ألف إلى غير ذلك من المصاريف الباهظة.
فلما عجز الميزان عن تحمل تلك المصاريف الباهظة كاتب الأمير أعضاء المجلس الأكبر فامتنعوا بلطف كما قال الوزير الشيخ ابن أبي الضياف ودارت مباحثات مجلس الأمير الخاص، وكان رجاله على رأيين.
منهم من يميل إلى الرفق بالرعية ومنهم من زين للأمير الزيادة في الضريبة الموضوعة على الدافعين إلى أن أفضت النوبة إلى أحدهم وهم ممن يشار إليه في مجلس الأمير الخاص فأشار برأي كان سبب اندلاع الثورة.
وهو أنا مال الإعانة يزداد عليه مثله ويكون عاماً في سائر بلدان المملكة من غير استثناء.
فقبل الأمير أن هذا الرأي وكتب إلى أعضاء المجلس الأكبر للموافقة فاعتذروا بأنهم لا رأي لهم في النازلة.
وبعد امتناع أعضاء المجلس استبد الأمير برأيه وصدرت به المناشير إلى عمال العمال.
وهي مناشير كانت لقطع الطاعة والعافية والعمران كالمناشير كما قال الشيخ الوزير.
ورغم النصائح حتى من الأجانب تمادى الأمير في فرض الزيادة في الضريبة.
اندلعت الثورة بتقرر الزيادة في الداء.
ويؤكد كلام صاحب صفوة الاعتبار الشيخ محمد بيرم الخامس المتقدم ذكره الشيخ الوزير ابن أبي الضياف.
"ولما التف عليه إغمار العامة في الجهة الغربية، أي على علي بن غذاهم، أبرم العقد معهم.
على أن القصد بهذا الاجتماع هو الاستعفاء من هذا الأداء الثقيل الذي لا قدرة عليه.
وإذا عصبنا عليه بالقتال تكون يدنا في المدافعة عن النفس والمال والحريم يداً واحدة.
ولا يتعرض منا أحد لنهب أموال الناس بالحرابة ومن تعرض تكون يدنا عليه أحدة لن كلامنا مع الدولة، وإخواننا المسلمين يعذروننا.
فإذا تعرضنا لأخذ أموال الناس صرنا حرباً على الله تعالى وعلى السلطان ولا يعذرنا أحد بل تتوفر الدواعي على قتالنا والله معهم".
أجمل صاحب الإتحاف مبادئ ثورة ابن غذاهم في أنها محصورة في الامتناع من دفع الضريبة المضاعفة.
[تحقيق حول ثورة ابن غذاهم وما دار حولها]
إن هذه الثورة مقصورة على غرب البلاد بقيادة علي بن محمد بن غذاهم وإنما هي عامة شملت البلاد كلها فعلاوة على غربها هناك عمل سوسة، وعمل القيروان، وعمل صفاقس، وعمل الأعراض.
لكنها كانت في هذه العمال غير مسيرة مثل ما هي في ناحية ابن غذاهم بل هي مقودة بقيادة فوضوية.