للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو شاذلي الطريقة كثير الزيارة للمغارة الشاذلية عالم فقيه، خير حسن الأخلاق مع الخصوم، سهل الجانب، يلازمه أحد شهود البلاد رجل يقال له محمد العرفاوي الجريدي ولربما اعتمد على مراجعته اامسائل الفقهية ووثق به في شهادة السر وغيرها.

ولوع بمطالعة كتب الأحكام وكتب عدة رسائل في تحرير مسائل خلافية وقع له فيها النزاع مع الشيوخ (قرظ أكثرها الشيخ أحمد كريم بما أثبته في ديوان شعره) وله نثر وشعر من عنوانه ما كتبه تقريظاً لكتاب تعليم القاري في التجويد تأليف الماجد إمام سراية باردو وابن إمامها الشيخ محمد بن أحمد بن شيخ الإسلام محمد البارودي وهذا نصه: الحمد لله رب العالمين والصلاو والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد فلما تأملت هذه الرسالة المرسومة بتعليم القاري وجدتها كتاباً وغيثاً نافعاً ودرة فاخرة وروضة زاهرة تشهد لمنشئتها بالعرفان وأنه من فرسان هذا الميدان ولحسن ألفاظها ومعانيها تستحق أن يقول ناظرها فيها.

[الطويل]

لقد جمعت وصف الحروف وبنيت ... مخارجها كل البيان ووضحت

وزادت على هذا من العلم جملة ... لمن يقرأ القرآن حقاً تعينت

قاله وكتبه الفقير إلى ربه محمد الشاذلي بن صالح أصلح الله حال الجميع آمين في قعدة الحرام من عام ١٢٩٣ ثلاثة وتسعين ومائتين وألف، وقد قرأته عليه نبذه من شرح المكودي على الألفية ابتدأه غرة رجب الأصب سنة ١٢٨٥ خمس وثمانين ومائتين وألف، وقرأت علليه بعد ذلك نبذة من شرح التاودي على تحفة ابن عاصم وكان يومئذ بصدد تحرير حاشية على الشرح المذكور جزاه عنا أحسن الجزاء آمين.

(وقد أجرت له الدولة بعد تأخره عن الخطة مرتباً عمرياً لجلوسه للتدريس وولي وكالة الشيخ سيدي أبي سعيد الباجي عند وفاة الشيخ محمد الشريف.

وأقام في جبل المنار وكان به مرض الحصا فاشتد به إلى أن توفي بجبل المنار يوم الثلاثاء الثامن والعشرين من ربيع الأول سنة ١٣٠٨ ثمان وثلاثمائة وألف وقد ناهز التسعين في عمره وكان أجاز لي بإجازة اتصلت بثبت الشيخ عبد القادر الفاسي وهي ... ) .

ً٤٢ الشيخ علي العفيف هو الشيخ أبو الحسن علي بن القاسم بن أحمد بن علي بن محمد شعبان العفيفي التبرسقي، ومن ذرية الشيخ العفيف الغساني رضي الله عنه. قدموالده الشيخ القاسم من بلد تبرسق في طلب العلم، فأخذ عن أعلام عصره منهم الشيخ صالح الكواش والشيخ حسن الشريف وغيرهما، وامتلأ معقولاً ومنقولاً وتصدى للإقراء بجامع الزيتونة فأقرأ كثيراً وأكثر دروسه في الفقه وكان عالماً فاضلاً عابداً متواضعاً عزيز النفس وقوراً إلى أن توفي أواخر ذي الحجة الحرام سنة ١٢٣٩ تسع وثلاثين ومائتين وألف.

ونشأ ولده من بعده في طلب العلم فقرأ مبادئ النحو على الشيخ محمد المشاط والشيخ فرج التميمي، وقرأ أيضاً النحو والبيان على الشيخ أحمد الأبي والشيخ محمد معاوية، وقرأ على الشيخ أحمد بن الطاهر الكفاية على الرسالة، وقرأ على الشيخ محمد بن ملوكة الدرة، وقرأ على الشيخ محمد بن الخوجة المكودي والأشموني على الألفية والمحلي، وقرأ على الشيخ محمد المناعي قطعة من شرح الشيخ عبد الباقي على المختصر الخليلي، وقرأ على الشيخ إبراهيم الرياحي الدرة ومختصر السعد وصحيح البخاري وتفسير القاضي البيضاوي.

وتصدّى للتدريس واجتمعت عليه جموع المستفيدين وتقدم مدرساً في الرتبة الأولى عند وضع الترتيب الأحمدي بجامع الزيتونة في شهر رمضان المعظم سنة ١٢٥٨ ثمان وخمسين ومائتين وألف، فواظب وأفاد وأبدع في تحرير المسائل وأجاد وختم به كثيراً من مهمات الكتب المتداولة للإقراء بجامع الزيتونة في معقول العلوم ومنقولها.

ولما ختم مختصر السعد مدحه تلميذه الشيخ أحمد بن محمد بن الخوجة شيخ الإسلام بقوله: [الطويل]

إليك فإن العذل ليس بناجعِ ... وقد صم عن قول العذول مسامعي

ملامك أهل الحب حول قلوبهم ... وحبّهمُ في القلب أرتع راتعِ

تروم ارعواءً عن هوى من جفونها ... فعنَّ بقلبي مثل فعل الضرائعِ

فتاة متى تنطق تخال حديثها ... عقود لآلي في نحور المسامعِ

فتاة إذا تمشي تخال قوامها ... ترنح فضبان الغصون اليرانعِ

لها بشر مثل الحرير تخاله ... من اللين والإشراق أنور مائعِ

<<  <   >  >>