وقد أنجب عدة أبناء طلعوا بدوراً في آفاق العلم والفضل وهم العالم الخير الشيخ الطاهر والخير الزكي الشيخ الشاذلي والثقة الأعدل الشيخ محمد. أما الشيخ الطاهر فقد نشأ في خدمة العلم وقرأ على الشيخ محمد الشاذلي بن المؤدب والشيخ محمد معاوية والشيخ محمد البنا والشيخ محمد الخضار وغيرهم. وتقد لخطة التدريس في الرتبة الثانية بجامع الزيتونة وهو فقيه فرضي تقي نقي العرض تقدم لخطة قضاء الفريضة في بيت المال عند وفاة الشيخ محمد بن مراد الحنفي فأقام من أجلع بداره، وأناب في خطة قضاء الفريضة أخاه الشيخ محمد، ولم يزل على ذلك إلى هذا اليوم.
وأما أخوهما الشاذلي فكان رجلاً ذاكراً كثير الزيارة للأولياء وقفت على إجازة أجيز بها من شيخ الإسلام وهذا نصها: الحمد لله يقول الفقير محمد بيرم الرابع لطف الله تعالى به قد أجزت للسيد الشريف العفيف أبي عبد الله محمد الشاذلي السقاط قراءة أحزاب القطب الجامع سيدي أبي الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه بحق روايتي لها بالإجازة العامة عن شيخنا العلامة أبي عبد الله محمد بن حسين الشهير بابن العنابي مفتي الحنفية بثغر الإسكندرية وذاك عند اجتيازه بحضرة تونس في سنة ١٢٤٥ خمي وأربعين ومائتين وألف عن أبي الحسن علي بن عبد القادر بن الأمين عن سيدي علي بن محمد العربي السقاط عن أبي حفص عمر لوكد عن محمد بن عبد الرحمن عن الشيخ حسن العجيمي عن سيد ي يوسف بن عبد الله الجاوي عن الشيخ عبد القادر بن مصطفى الصفدي عن نور الديت العلاف عن محمد بن مصطفى البلخي عن أبي بكر بن سالم باعلوي عن روحانية ابن عطاء الله عن أبي العباس المُرسي عن أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه.
وبالسند إلى سيدي محمد بن عبد الرحمن عن شيخه أبي البركات عن الشيخ أحمد الغربي عن عمه أبي عثمان سعيد عن ابي الطيب بن علوان عن أبي الحسن البطرني عن الشيخ ماضي بن سلطان عن أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه. وأنا أوصي المجاز له المذكور بتقوى الله سبحانه وأن لا ينساني من صالح دعائه وكتب يوم السبت تاسع عشرين شعبان عام ١١٧٧ سبعة وسبعين ومائة وألف. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
فكان لهؤلاء الأبناء فضل توارثوه من والدهم، وقد كان من أجلّ علماء الحاضرة، وأخوه معدود في وجوهها الأخيار، وأما والدهما أبو الحسن علي فقد ىولد بتونس، وكان أيضاً تاجراً وجيهاً تقياً زكي النفس ملتزماً في قلنسوته وضع علامة الشرف الخضراء، وهو شرف أمه ابنة الشريف كسيبر على ما يأتي، حج بيت الله الحرام ولم يتخلف عن صلاة الصبح بجامع الزيتونة أكثر من ثلاثين سنة، وبلغ من العمر أربع وتسعين سنة، وتوفي سنة ١٢٥١ إحدى وخمسين ومائتين وألف عليه رحمة الله.
وأما والده أبو محمد عبد الوهاب فهو الرجل الكامل الباذل نفسه في خدمة أهل الله، ولد بحاضرة فاس وكان بها من ذوي الثروة، فأدرك القطب الرباني مولاي أحمد الصقلي الشريف الحسني رضي الله عنه، وكان من أكمل الأولياء المتنعمين في المأكل والملبس والمسكن، نقل عن الشيخ التجاني رضي الله عنه أنه قال: دخلت على مولاي أحمد الصقلي فوجدته متنعماً في أفخر الملابس والفرش ورخيّ العيش حتى أنهم أتوه بزبدة وأنا حاضر فأنكر خشونتها وطلب ما هو أصفى منها ولم أحسب أن من أولياء الله من يكون على ذلك الحال من التنعم في الدنيا حتى أخبرني رسول الله عليه الصلاة والسلام بمكانه في الولاية رضي الله عنهما. وقد كان عبد الوهاب السقاط من التابعين لمولاي أحمد الصقلي المحبين فيه، وكان ممن دخل في إقامة بناء زاويته الشهيرة بحاضرة فاس حماها الله، فأنفق ماله هنالك إلى غتمامها تبرعاً منه في محبة شيخه، وحين تمّ بناء الزاوية خرج لحج بيت الله الحرام وبعد فراغه من الحج قدم إلى حاضرة تونس أواسط القرت الثاني عشر فاستوطنها وتزوج بامرأة من بنات الشريف كسيبر القرشي من ذرية ولي الله الشيخ سيدي أحمد بن نعيم دفين بطحاء الصلي من حاضرة تونس رضي الله عنه.