يا سيدي الأعلى، وظهيري ومنجدي في الجلّى، ونصير المنيف في دوحة النبل فرعه، الحنيف في ملّة الفضل شرعه، ومن أبقاه الله لرحم أدب مجفوة يصلهأن وحرمة مقطوعة يلحمهأن الوفاء لمحاسن الأخلاق وقى الله جديد أنعمك من الدروس والأخلاق كالقلم والذهب والخضاب الموشى لراحة المحسب يستفيد به بهجة التكحل في العين ورونق التشبيب في مصوغ التبر واللجين وقد رتبته النّهى أشرف ترتيب، وبوبته العلى أبدعتبويب، فما أحقه بصدر النادي وأسبقه إلى المرتبة بشرف المنادي رعاية لأوامر الآداب والمحافظة على الخلّة الواشجة في أعصر الشباب وأظلاله وتذكر لربوع الصبا وأطلاله وعهود اللذات والمنثالة في بكره وآصاله وما أسحبت الليالي في ميادينه من لبوس نعيم وبوس، وأجنت الأيام في بساتينه من زهرات اتراح ومسرات، حذوا للخلق الأكمل وأخذا بقول الأول: [البسيط]
إن الكرام إذا الكرام ما أسهلوا ذكروا ... من كان يألفهم في المنزل الخشن
وموصله وصل الله سراءك وأثلّ علاءك، أبو فلان ذاكر مشاهدك الغر الحسان وناشر ما تعتمد في صلته من مقاصد الحسن والإحسان أبقاه الله ما نظمني معه سمط ناد ولا احتواني وإيّاه مضمار شكر وإحماد، إلاّ وأثبت من مفاخرك خليطي الدر والمرجان، وجاء بطليعة السوابق في إحصاء مفاخرك رخي اللبب مرخي العنان ولقد فاوضني من أحاديث ائتلافكما في العصور الدارسة العافية، وانتظماكما في زهرات الأنس في ظلال العافية، واتساقكما في حبرات العيش الرقاق الضافية، وارتشافكما لسلافة النعيم المزة الصافية، بأفانين الغيطان والنجود، وزخارف الروض المجود، ومعاطف الطرر بين خيلان الخدود، ما لو لقيتْ بشاشتُه الصخر لمَنَحَ بهجة الإيراق، ولو أُلقيت عذوبته في البحر لأصبح حلو المذاق، ولو رُقي به البدر لوُقيَ آفة المحاق، ولو مرّ ببيداء لعادت كسواد العراق، وأزمع أن يسير بنواعج لواعجه، في طرقه ومناهجه، ويطير بجناح الارتياح في الدو، إلى متقاذف ذلك الجو، ليكحل بالتِمَاحك جفونه، ويجلو بأوضاحك دجونه، ويجدد بلقائك عهداً أنهج البينُ رسمه، ويشاهد بمشاهدة علائك سروراً محت يد البين وسمه، ويحطمن أفناء بشرك بالأهل العامر، ويسقط من أنواء برّك على المحافل الغامر، فخاطبت معرضاً عن التحريض، ومجتزياً بنبذ العرض ولمح التعريض، وتابعاً له بأسرارك تلك الخطرات ذكر العهود القديمة، وارتياحك للقاء مثله من أعلاق العشرة الكريمة، وأنت وليُّ ما تتلقاه به من تأنيس ينشر ميت رجائه، ويعمّر مقفر أرجائه، لا زلت عاطفاً على الأخلاء بكرم الود، قاطعاً زهر الثناء من كمام الحمد، بحول الله.
وله: [الطويل]
ويومٍ لنا بالخيف راق أصيله ... كما راق تبر للعيون مُذابُ
نعمنا به والنهر ينساب ماؤه ... كما غنساب ذعراً رِيعَ حُباب
وللموج تحت الريح منه تكسّر ... تولد فوق المتن منه حَباب
وقد نجمت قضب لدان بشطه ... حكتها قدود للحسان رطاب
وأينع مخضر النبات خلالها ... كما أقبلت نعمى وراق شباب
وكتب عن أحد الأمراء إلى قوم علية شفعوا لجناة: طاعتكم أبقاكم الله ثابتة الرسوم، واضحة الوسوم وضنانتكم بالسلطان عصمه الله ضنانة الجبان بالحياة، وإعدادكم للمكافحة عن الدولة وطدها الله إعداد المهلب للبيات، فمالكم والشفاعة لرعاع ندّوا عن عصمة الجماعة وفروأن وخاسوا بذمام الطاعة وختروأن ثم ودوا لو تكفرون كما كفروا فارفضوهم عن جماعتكم، وذودوهم عن حياض شفاعتكم، ذياد الأجرب عن المشرب، فنحن لا نُقبل على توسل مُستَخْفٍ بالنفاق مستسرّ، ولا نقبل الخدعة من ممتادٍ على الغواية مصرّ، إن شاء الله.
وله فصل من رسالة في إهداء فرس.
وقد بَعثْتُ إليك أيدّك الله بجواد يسبق الحَلْبَة وهو يرسف ويتمهل، متى ترمق العين فيه تسهل، يزحم منكب الجوزاء بك منكبه، وتنزل عنه مثله حين تركبه، إن بدا قلت ظبية ذات غرارة، تعطو إلى عزاره، أو عدا قلت انقضاض شهاب، أو اعتراض بارق ذي التهاب، فاضممه إلى آري جيادك، واتخذه ليوميْ رهانك وطرادك، إن شاء الله عزّ وجلّ.
وأصبحت يوماً منبسط النفس، معترض الأنس، فمر بي فارس يحمل كتباً إليه، وينفض للسرعة مردوديه، فحملته بيتين يضعهما في يديه وهما: [الطويل]