للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

له كلم رد الغواني جمالها ... وحكم وفكر شبها الوزن والمزنا

مضارعه المنفي جزما وأمره ... كماضي الظبا من حلمه اتخذ الفنا

تحيرت الألباب فيه فإن بدا ... بطلعته خلت السماء له مغنى

وأحسبه في الأرض طوراً وإنما ... أرى أبحر الآداب في يده اليمنى

براعته تحيي رسوم بلاغة ... بها إذا بحور النفس من مدها تقنى

مدى إن جرى في الجبح طرس مدادها ... دخاناً ترى شهد المعاني به تجنى

وتؤثر آذان الأديب صريرها ... على بلبل غنى على روضة غنا

إذا حام بازُ الفكر منه هدى إلى ... طيور بليغ القول يستفرغ الوكنا

فتنسي إذا قساً وسحبان إذا متى ... تشنف بها أذنا نهبت به الحزنا

إلى ما تحلى من سجابا كريمة ... عديد نجوم الأفق من قدرها أدنى

تحوك على تبر الوفا وتواضعا ... تحاكي يد التقوى بأخلاقه الحسنى

فلو كان في ريح الصبا لين طبعه ... لحرك من غصن النقا الناعم اللدنا

وإذْ يتهادى رافلاً في سكينة ... فأي الجبال الشم لم يستحل عهنا

فخل بمضمار الحجا قد ألمع ... ومن بيرمي المجد قد أحرز الأسنى

فشمس حجاه نسخ ظل ضلالة ... فكيف ظلام الظلم إن حوله جنا

إذا ما جرى الإنصاف في روض حكمه ... جنت المنى رغماً لمن رام دهرنا

فمهما نضا عن وجه حكم وحكمة ... لثاما نفى عن أهلها الغبن والغينا

يحرر من شهد البيان رقيعة ... لفكر غدا حر المعاني له فنا

لئن طاعني فيه القريض لقد رأى ... شيوع المزايا عن مديحي قد أغنى

وإلا فكل الميل عن منهج الهدى ... عنان الهدى يوماً إلى غيره يثنى

وأحرى بمن يثنى العنان بقرع با ... ب عدله أن لا ينثني يقرع السنا

بقيت ملاذ العلم ما قال منصف ... بإنجاز وعد خير خاتمة حسنى

قبلة هذا الخطاب، محراب جامع الآداب، وباب مدين الآداب سابي أبكار المعاني سيوف أقلامه، وساحر أفكار الدهاة بليف كلامه، عمدة قواعد المنقول، وأساسها مشكاة غوامض المعقول، الرابع في حلبة المحامد البيرمية مجلياً غذ لم يزل على منصة الصواب والإنصاف متجليأن وبسائر أصناف لكمالات متحلياً: [الخفيف]

من غدا فضله مؤملَ شملي ... ومجيري إذ لات حين مجيرُ

يا أخا العدل والبصيرة والفضل ... ألم يأن ذلك التحريرُ؟

لا أى المنع مثله المنح إلا ... منك بعد الذي إليه المصير

ثم إني لا أدعي الاستحقاق إلا بالنسبة للمنازع، ولا للمقاومة إلا للمناضل المقارع، فمن للبغاث، بالاستنسار، وللخفاش بالإبصار في النهار، هذا وإني أتحدى مناظري بأيسر شيء عندي، وهي ورقات كتبها عند النظر بالتماس بعض الإخوان، وهذا كله بتوهيمي كثرة القادحين، وإلا فمثلك لا تخفي عليه سيمات الراحمين ثم إني: [الخفيف]

خف حمل المديح مني اتكالا ... إن حمل الوداد منك ثقيل

وإذا الحب كان أهل امتداح ... فسواء كثيره والقليل

وعند بلوغ ذلك الشيخ الإسلام كتب له بقوله: [الخفيف]

يا أبا حاجب حجبت عن السو ... ء ولا شاب شمسك التكوير

قد أتتني خريدة منك تجلى ... لا يؤدي حقوقها التعبير

فأتني أفق البلاغة مصقو ... لا وزهر الألفاظ فيه تسير

من عهدنا الطروس تستخرج الد ... رو أن السلاف منها عصير

وإذا سحر بابل إذ حوته ... في فؤادي من فعله تأثير

ذكرتني معاهداً كنت أغشا ... ها وروض الشباب غض نضير

ثم إني أقول فيك ويأتي ... طبق ما قلت مني التحرير

أنت عندي ذو رتبة من حواها ... فهو بالارتقا حقيق جدير

غير أن ألأمور تأتي على ما ... خطَّ في لوحة العليم الخبير

سالمتْ سالماً صروف الليالي ... ورأينا وهو بدر منير

فأجابه الشيخ عن هذه القصيدة مقرظاً وشاكراً بقوله: [الخفيف]

أسموط الجمان هذي السطور؟ ... أحقاق الشذور هاذي السطور؟

أمن الدن حبرها أم من الد ... ر أم الندرُّ لفظها المقصور؟

أيمن الله لا يعاد لها الل ... هم إلا لنضار فهو نظير

إن تصغ من نفيس تبر بترب ... ما تعاطي استبرق وحرير

<<  <   >  >>