وخليفته اليوم في إمامة الجامع هو ابن عمه الشيخ أبو العباس احمد بن حمدة بن محمد الشريف إمام الجامع، ونائبه الإمام الثالث هو الشيخ أبو محمد حمودة بن محمد محسن إمام الجامع، وعلى عهده زيد في أيمة الجامع نائب ثان وهو الشيخ أبو عبد الله محمد بن الطاهر بن محمود محسن إمام الجامع، وإمام التراويح هو الشاب أبو عبد الله الشيخ محمد بن مصطفى بن محمود الشيخ عبد الرحمن بن محمود محسن، فخطط الجامع ولله الحمد اليوم بين آل الشريف رضي الله عنهم أجمعين، ولولا أشتراطي ذكر الأيمة لذكرت تفصيل حال هؤلاء السادات أبقى الله بركتهم أماناً لأهل الأرض، فبدر الإمام الأكبر اليوم محيطة به هالة من آل بيته، وقد تجمل به، والحالة هاته، صدر الجامع وابتهج، وافتخر المنبر بحسن خطبه التي ينتقيهأن وبجمهورية صوته وتأثيره يلقيهأن بحيث أنه اليوم أخطب الخطباء بالحاضرة فصاحة وجمهورية صوت وأداء وضبطأن وهو إمام فاضل، متفنن، نحرير دراكة، سخي النفس، غزير الدموع، سهل الجانب، رضي العيش، قدوة، محبب إلى الناس، كريم الأخلاق مهاباً معظمأن عالي الهمة، مقبول الجاه، محترم، يكرمه الأمير والمأمور، ويعتقده الخاصة والجمهور، يحضر الجامع في كروسة من كراريس الأمير، أهداها له الوزير.
وقد نفع بجاهة كثيراً من المستجيرين به رضي الله عنه، وفي هذا العهد أتاه الثقة المسن علي عباس يطلب منه الدعاء، وقراءة الفاتحة، وأخبره أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه ببيت به جمع عظيم، ولما دخل بيتهم رأى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتفعاً وإلى جانبه الشيخ متكئاً ثم إن المصطفى مسح على جنبه ووعده بالشفاء فكان صدق الرؤيا حيث غن الشيخ يشكو في هاته المدة ذلك لجنب نفسه، وقد أمل الشفاء ببركتها ولا تخفى دلالة الرؤيا على قرب اتصاله بجده عليه الصلاة والسلام.
وحيث إن مفاخره عظمت بالاشتهار، وغطت على الشمس في رابعة النهار، وكان وجوده بين أظهرنا من بركات هاته الأعصار، التي نتمتع بها آناء الليل وأطراف النهار، تقربت لجده المصطفى عليه الصلاة والسلام بقصيدة جليلة، اتخذها تاج المفاخر إكليله، صدرتها بذكر فضائل آل البيت، ووشحتها بذكر بعض مفاخره ومفاخر آبائه الكرام، إلى الوصول إلى خير الأنام وآبائه العظام، وسميتها "الجنة الدانية الاقتطاف، بمفاخر سلسلة السادة الأشراف".
وها أنا اجعلها خاتمة لهذا القسم تيمناً بفضل من ذكرتهم فيهأن وهذا نصها: [البسيط]
إنَّ المودةَ في القربي هي الأملُ ... يجري بها ويفوق الأجرُ والعملُ
قرابةِ المصطفى آل بهم شرفتْ ... مفاخر بعلاها تضرب المثل
آل الرسولِ كفاهم وصلتهم ... به وقوله: آلي إذ هو الأمل
أوصى بهم حيث قال الله أشدكم ... في أهل بيتي ثلاثاً إذ به اتصلوا
دعا بسترهمُ إذ كان جلَّلهم ... وفي ملاءته دون الورى اشتملوا
وحائط البيت والأسكفَّة ابتدار ... مؤمنين كتأمين الألى عقلوا
فمن دروا حقهم في الفضل كان لهم ... به البراءة من نار بما عملوا
ومن أحبَّهم جاز الصراط به ... كالبرق لا يعتريه البطء والثَّقلُ
ومن يواليهمُ نالَ الأمان منَ ال ... عذاب يومَ ذوات الطفل تنذهل
هم الأمان وما داموا على قنن ال ... تبجيل لم يكتنفنا في الورى ضللُ
همْ عترةٌ طهَّر المولى منازلهم ... مذ أذهب الرجس عنهم عندما كملوا
همُ الهداة وبيت الوحي بيتهم ... لا يعتريه بحول الخالق الخللُ
بيتٌ على الدين قد قامت دعائمه ... ومن مناهله كل الورى نهلوا
بيتٌ قد انتاب جبريلُ منازله ... عن إذن ربّه والأملاك كم نزلوا
بيتٌ تخيَّره الرب الجليل إلى ال ... تنزيل والوحي منه ليس ينتقلُ
ما بعد جدهم المختار من رجلٍ ... يأتي فتتبعه الأملاك والرّسلُ
لهم سمات وآيات لهم تليت ... في الذَّكر لا يعتريها النسخُ والبدلُ
فمصدر الدين هم والدين حبُّهمُ ... وهمْ سراة الورى ما مثلهم رجلُ
لا يدخل القلب إيمانٌ وحبهم ... لله لم يك حتى يولج الجمل
قوم حياتهم في الأرض مرحمةٌ ... بجاههم لم يخب في الخلق مبتهلُ