أما بعد فيقول العبد الفقير لربه المشير محمد الصادق باشا باي وفقه الله لما يرضاه، وأعانه على ما أولاه: أني أقبل البيعة من الأعيان الحاضرين على مقتضى ما وقع الالتزام به في العشرين من محرم سنة ١٢٧٤ أربع وسبعين ومائتين وألف من المرحوم المقدس أخينا المشير سيدي محمد بالفتح باشا باي، وهو عهد الأمان لسائر السكان على الأعراض والأموال والأبدان، وما حواه من القواعد اللوازم وأركان وحلفت وأحلف بالله وعهده وميثاقه على مقتضاه، وأن لا أخالفه ولا أتعداه.
وهذا الكلام صدر مني ونقله الناطق به عني وختمي وخطي فيه أقوى شاهد وأوضح إعلان، لكلمن حواه الديوان، ولسائر الرعية والسكان.
وعلى مقتضاه عليكم السمع والطاعة، ويد الله مع الجماعة.
حرر يوم السبت الخامس والعشرين من صفر سنة (١٢٧٦) .
افتتح بيعته بهذا العهد يوم السبت الخامس والعشرين من صفر سنة (١٢٧٦) حين اجتمع بالمجلس الشرعي ووجوه الحاضرة ورجال الدولة واعيان العسكر وخرج للبيعة في آل بيته وألقى عليهم نص العهد المذكور وبعد تلاوته بدأت البيعة، فبايعه أهل المجلس الشرعي، وهو قائم، ثم جلس وبايعه كل الحاضرين وهو جالس على كرسيه على اختلاف طبقاتهم.
الحرص على إتمام قانون عهد الأمان: تصفح المشير الثالث أعمال المجتمعين لتحرير فصول قانون عهد الأمان وترتيبه، وحرضهم على الإطلاع على قوانين الدول مع الحرص على عدم مخالفة الشريعة.
وقد انفصل العلماء عن المشاركة في التحرير المذكور، ولامهم في تاريخه الشيخ الوزير ابن أبي الضياف ملقياً عليهم تبعة عدم مشاركتهم في هذه المصلحة فقال: وليت شعري ما أعد العلماء من الجواب بين يدي الحكم العدل، العالم بخائنة العين وما تخفي الصدور عن تجنفهم وتباعدهم عن هذه المصلحة الضرورية متعللين بأنها لا تناسب خططهم الشرعية في العرف، والحال أن الشريعة جاءت لمصالح الدنيا والدين وأوقعوا بهذا التجنف وصمة في وجه البلاد ونفرة بينهم وبين أهلها (الإتحاف ج?٥ ص٣٨) .
إن حملة الشيخ الوزير ابن أبي الضياف حملة سببها بعض العلماء المتصدرين من بعض أهل المجلس الشرعي دون غيرهم، فهناك كثرة من العلماء شاركوأن ففي مجلس التحقيق شارك: الشيخ محمد الشاهد شيخ الجماعة فإنه كان من أكابر أئمة الدين.
والشيخ حميدة بن الخوجة الذي تولى مشيخة الإسلام وكان من نبغاء العلماء.
والشيخ محمد الستاري.
والشيخ محمد النيفر المفتي المالكي العلامة النحرير.
والشيخ حسونة عباس المفتي الحنفي.
وتركيب مجلس التحقيق كله من العلماء المذكورين، وغنما كان رئيسه من غيرهم وهو إسماعيل صاحب الطابع.
والسبب في ذلك أن رؤساء المجالس كان اختيارهم على قاعدة أن لا يكون من أهل البلاد لارتكاز الحكومة على غيرهم نظراً إلى أن الدولة ترتكز على صنائعها من المماليك والأصهار أما بقية الشعب وإن تقدموا علماً وتفكيراً فهم لا حظ لهم إلا إذا اضطر إليهم.
وكذلك الحال في مجلس الجنايات فإن تركيبه من العلماء ومنهم الشيخ صالح النيفر أحد أفذاذ العلماء كما يقوله الشيخ السنوسي في ترجمته.
والشيخ احمد كريم الذي تولى مشيخة الإسلام.
والشيخ محمد المازري ابن الشيخ محمد الطاهر بن مسعود.
والشيخ الجد محمد الطاهر ابن الشيخ العالم محمد النيفر القاضي العلامة النحرير أحد قضاة العدل الأفذاذ.
والشيخ محمد ابن الشيخ المفتي حسين البارودي.
والشيخ محمد الشريف أحد العلماء الوجهاء.
وكذلك انضم إلى المجلس الكبير من العلماء: الشيخ عمر بن الشيخ الذي تولى الإفتاء.
والشيخ سالم بوحاجب أحد نبغاء العلماء، وقد تولى رئاسة الإفتاء.
والشيخ الطاهر بن عاشور العلامة المؤلف والذي تولى القضاء والإفتاء.
والذي دعا الشيخ الوزير ابن أبي الضياف أن يحمل على العلماء ويقول: (ما اعد العلماء من الجواب بين يدي الحكم العدل العالم بخائنة الأعين وما تخفي الصدور عن تجنفهم وتباعدهم عن هذه المصلحة الضرورية متعللين بأنها لا تناسب خططهم الشرعية في العرف، والحال أن الشريعة جاءت لمصالح الدنيا والدين وأوقعوا وصمة في وجه البلاد ونفرة بينهم وبين أهلها) هو امتناع الشيخ محمد بيرم الرابع شيخ الإسلام فإنه يحمله تبعة الامتناع وكذلك المشايخ: أحمد بن حسين باش مفتي المالكية.