للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمرنا هذا للعلماء الأعلام الفقهاء الأعيان، الجلة الفضلاء من أهل مجلسنا العلي: شيخ الإسلام سي محمد بيرم.

والشيخ سي احمد بن حسين باش مفتي المالكية.

والشيخ سي محمد بن الخوجة المفتي الحنفي.

والشيخ سي محمد البنا المفتي المالكي.

والوزراء الأعيان النصحاء الأركان أولي الرفعة والشان.

أبننا الأعز ووزير العمالة مصطفى خزنه دار.

ووزير الحرب أمير الأمراء ابننا مصطفى باش آغة.

ووزير البحر ابننا خير الدين.

والوزير الأحظى أمير الأمراء ابننا إسماعيل صاحب الطابع.

والأحظى أمير الأمراء ابننا محمد بالفتح أمير الأعراض.

وكاتب سرنا أمير اللواء محبنا الشيخ سي محمد بن أبي الضياف، حرس الله جميعهم واحسن صنيعهم.

وإننا أمرناهم بالاجتماع في دارنا بالقصبة يومين في كل أسبوع، وهما الأربعاء والخميس للتفاوض في شرح الفصول المسطرة في عهد الأمان.

وكل واحد يتكلم بما يدين الله به على مقتضى آداب البحث في الأدلة وإيضاحهأن ولا يخجل من لا تنهض حجته فالحق أحق بالاتباع.

وأمرناهم قبل ذلك بقراءة ما رتبه الدولة العلية العثمانية وغيرها من الدول ليجروا التراتيب على ما يصلح بلادنا بعد استفتاء من ذكر من العلماء فيما تتوقفون فيه من الأمور وترفعوا إلينا عمل كل اجتماع لننظره ونمضي ما عليه أكثر رأي الجماعة.

ولا يلزم الفقهاء المذكورين الحضور إلا يوم الأربعاء لاشتغالهم يوم الخميس بالمجلس الشرعي بدار الشريعة والله تعالى ولي إعانتهم وتوفيقهم على هذه المصلحة التي يعم نفعها بحول الله، والسلام.

وكتب في ١٦ أشرف الربيعين.

فلما رأى أهل المجلس الشرعي تقدم الوزراء عليهم أنفوا من الجلوس في مجلس يترأسه الوزراء المماليك.

وزاد الطين بلة أن هناك عداوة بين وزير العمالة صاحب النفوذ الوزير خزنه دار وبين شيخ الإسلام محمد بيرم الرابع وعداوته شبيهة بعداوة الوزير المذكور مع إسماعيل السني صاحب الطابع فوجود شيخ الإسلام في مجلس يترأسه من يتربص به الدوائر دعاه إلى أن يستعفي هو وبقية أهل المجلس الشرعي المالكية والحنفية.

وحسناً صنع شيخ الإسلام فإنه لو بقي معه في ذلك المجلس لاشتدت العداوة بينهما ولأفضت إلى ما أفضت إليه عاقبة الوزير إسماعيل السني الذي سعى أولاً إلى إصدار أمر الباي بإقامته الإقامة الجبرية، ثم سعى في قتله في بضع دقائق مع أمير المراء رشيد وزير الحرب.

فشيخ الإسلام يخشى عاقبة كعاقبة هذين الرجلين السني والرشيد.

فالعلماء المستعفون من المجلس المكلف بإرساء قواعد عهد الأمان على علم لبعد أنظارهم بأن العهد الممنوح غنما هو منح اضطراري أدت إليه حادثة قتل اليهودي المتجرئ على الإسلام بشتم دين أحد المسلمين.

فالباي الأمير والكثير من حاشيته هو أهم في عدم وجود عهد الأمان، ولذلك لما وقعت ثورة علي بن غذاهم ارتكز عليها وزير العمالة وأبطل العمل بعهد الأمان، فهم على بينة من الأمر بأن العمل به كان تحت ضغط الدول الأجنبية.

ومن أعذار الاستعفاء: أن تشكيل المجلس للنظر في إرساء قواعد عهد الأمان كان تشكيلاً غير متناسق فيما بين أعضائه إذ منهم الفقهاء الذين لهم مرانة سياسية مثل شيخ الإسلام بيرم الرابع الذي له اتصال بالأمراء واطلاع على خبايا نفوسهم فقد كانت له مصاهرة مع الباي المشير الثاني.

ومنهم فقهاء تطبعوا بطبيعة الفقهاء في التزام النصوص الفقهية مثل شيخ الإسلام المالكي أحمد بن حسين الذي هو من العلماء الفقهاء الممتلئين فقهاً ولهم محافظة شديدة على النصوص الفقهية.

وعى هذا الغرار المفتي الحنفي الشيخ محمد بن الخوجة فإنه من فقهاء الحنفية.

وأما المفتي المالكي فهو من أهل الورع الشديد والبعد عن رجال السياسة حتى أن الأمير المشير الثالث لما أراد إعانته على بناء داره امتنع من اخذ أي شيء مع الفقه البارع وهو الشيخ محمد البنا.

فهؤلاء الفقهاء كان انسحابهم من مجلس الإرساء عن روية وعن معنى خاص أدركوا به أن عملهم سوف لا يثمر لأن الاتجاه الحكومي من قبل الوزارة مراميه بدأت تظهر حين تلك الاجتماعات وهو ما جعلهم بعد أن انظموا إليه استعفوا منه.

<<  <   >  >>