وقد وضحنا من نحو أربعين سنة بأنه يلزمنا لمحافظة فرنسا الجزائرية أن نحصل في المملكة على قاعدة راسخة ونحن نحترم بالتدقيق منافع الأجانب وهم يقدرون أن يتوسعوا بثبات مع فوائدنأن والدول يتحققون أن مقاصدنا من جهتهم لا تتغير وإلى هاته المدة الأخيرة اتحادنا مع دولة الباي المفخم مستمر إلا ما يحدث أحياناً من الاختلاف في دفع تعويضات لقبائلنا المضرورين ثم في الحين يرجع الاتحاد ويزداد ثبوتاً بعد هذه الاختلافات الصغيرة إلا هاته المدة الأخيرة يرجع الاتحاد ويزداد ثبوتاً بعد هذه الاختلافات الصغيرة إلا هاته المدة الخيرة فنه بأسباب يصعب الإطلاع عليها مذ تغير ميل الدولة التونسية علينا دفعة واحدة وكانت غذ ذاك الحرب ساكنة ثم ما زالت تزداد إلى أن وضحت وتقوت ومبناها ضد كل الامتيازات التي حصلت للفرنساويين في تونس مع شدة الإدارة الردية إلى أن وصلت إلى هذه الحال.
وهذا هو السبب الثاني لإرسال العساكر الذي كنا نود التجنب منه ولكن بسبب السيرة الردية التي طالما صبرنا عليها التزمنا بما هو واقع ولو أننا بها ضمنا للباي في المطالب الحقانية لأننا نعترف بتونس كمملكة مستقلة.
وأما الحالة في الخلطة مع الباب العالي فهي مخالطة محبة وميل طبيعي وبودنا أن لو كنا رأينا منزلة تونس في نظرة أخرى غير التي هي عليها الآن، ولكن قد بان ما يجب علينا مما ذكرناه سابقأن وإننا نقدر أن نسبتهم من الباب إذا كان باي تونس هو والياً من قبلهم فلماذا لم يمنعوا سيرته التي فعلها نحو فرنسا منذ عامين ولماذا لم يفتشوا ليمنع التحير الذي نحن مجتهدون في حصره أن ينتهي بشروط تؤمن حدودنا من الهرج المستمر والتشويش المغري لبارود إما من غيره أو من نفسه فهذان هما المقصدان لإرسال العساكر.
ولا نخفي إذا ما نقول أن لنا في أوربا الرضا العام في جميع الجهات عدا الجهات التي بها النظر الفارغ المطمس للعقول وهذه هي أيها السيد التي خيمت حول الباب وحول تونس ومن كلا الطرفين فنحن مشمولون بالمحبة وجميع ما نرجو من الباي هو أن لا يكون عدواً لنا ولو أن المملكة تنظر لفوائدها تقدر أن تحصل من اتحادها معنا فوائد لا تحصى وأكثر مما نحصله نحن منها ونقدر أن نأتي لها بكل خير من العمكران الحاصلعندنأن ففي سنة ١٨٤٧ فعلنا فيها البريد وفي سنة ١٨٥٩ وسنة ١٨٦٢ فعلنا التلغراف وفي سنة ١٨٧٨ فعلنا الشمنديفير الذي طوله ٥٠ من حدود الجزائر إلى تونس وفس هذا الزمان نفعل لها شمنديفيرين جديدين أحدهما يربط تونس ببنزرت من جهة الشمال وطوله عشرون فرسخاً والآخر يربط تونس بسوسة من جهة الجنوب وسنبتدئ عن قريب في عمل مرسى في تونس نفسها لتدخل المركب من الشط ومن حلق الوادي إلى ذات القاعدة.
ودين تونس وغن كان رأس ماله مشتركاً بين فرنساوي وإنكليزي وطلياني لكنه إذ اعتبرت نفسه النسبة يوجد ثلاثة أخماسه لفرنسا.
وإن الحنايا الجميلة (لا دريان) التي تأتي بالمياه العذبة إلى تونس قد أصلحها أحد المهندسين الفرنساويين.
ولما ترجع الخلطة الطيبة فإنا لا نزال نفعل أشياء حسنة ومنارات على الشطوط وطرقاً داخلية توصل بين البلدان العامرة الناجحة ونسقي الأرض بالترع الكبيرة في البلاد التي بها انهر كثيرة ولكن هاته البلاد أهلها ليسوا معتنين بتلك الأنهر وكذلك الغابات، وكذلك نعمل على استخراج المقاطع الموجودة بها كل نوع من المعادن، وكذلك ترتيب الفلاحة في الأراضي الحسنة التي للأجانب في المملكة والتي للأهالي أيضأن وكذلك استعمال المياه المعدنية التي اكتشفها الرومانيون واستعملوها وبالجملة إن مملكة تونس خصبة، وغنى قرطاجنة القديمة يدل على ذلك.