وفي تلغراف آخر من مسيو غوشن أيضاً يقول فيه إن المحادثة التي وقعت بيني وبين باش وكيل كان يطلب فيها صحبة إنكلترا وقال إن الدولة الإنكليزية تقدر أن تعمل مع الدولة العثمانية المعروف وأن الباب العثماني يكون ممنوناً إذا كانت إنكلترا تريد أن تفعل معه ذلك، فقلت له إن ما كنت قلته لكم قد وقع، والذي كنت تقوله دائماً هو انه يأتي زمن تكون فيه تركيا متذكرة بأن صحبة إنكلترا لها لازمة وقد تكلم على الحاجة الأكيدة الآن وتلكم أيضاً على مودة إنكلترا فتبعته وقلت له ما هو دليل المودة الذي أظهرته تركيا لإنكلترا منذ بعض سنين وفي أي وقت اتبعتم إشارتنأن وفي أي وقت قبلت استشارتنا النافعة للسلطة التركية نعم إن الترك قد علموا غاية جهدهم ليتركوا المودة التي في رأي العموم في إنكلترا ورجوعها الآن ليس بسهل فحضرته العلية أجابت بان جميع الأشياء واستمر في طلب الإعانة وأنا شرحت له بأن نازلة تونس مثل النوازل الأخرى الشرقية ولا تقدر إنكلترا على إتمامها وحدها ومع هذا فليس لنا فائدة خصوصية وسياستنا متمسكة بالموافقة الأروباوية ولا دولة تريد قيام عسر جديد قبل أن تتم الإعسار القديمة وكل دولة تكون حازمة إذا كانت تفتش كل واسطة لحصر النازلة التونسية في حدود ضيقة لأقل ما يمكن لئلا تقوم نازلة تدخل فيها الدول برأي مختلف فجنابه يقدر أن يفهم من جملة كلامي بأن ليس لي إذن لتقرر الرجاء بأن تكون الدول العظام الأروباوية يظهرون أنفسهم مختلفين على نازلة مخلبطة بين الباب العثماني وتونس والطلب الخصوصي من إنكلترا ليس بموافق لحالة الباب العثماني منذ بعض سنين مع الدولة المشار إليها.
فهذا الخطاب كاف في بيان الحال مع إنكلترا وهي وإن أظهر بعض أهل الشورى التنديد على سياستها وطلب المحافظة على تونس وإبقائها للدولة العثمانية وبين ما نشا لإنكلترا من المضرة عند استيلاء فرنسا على مرسى ابن زرت وعلى قربها من خليج السويس ورجحان كفتها في البحر الأبيض لكنه لم ينفذ كلامه حيث كان حزب المحافظين الذي هو مغلوب حينئذ واحتجت عليه الوزارة بأن حزبه الذي فتح الباب لفرنسا فإن اللورد ملسبري الذي كان وزير الخارجية عند عقد مؤتمر برلين كما باحثه وزير فرنسا على استيلاء إنكلترا على قبرص أجابه بأنه لا يعارض فرنسا إذا أرادت الاستيلاء على تونس.
فإذا يكون استناد فرنسا على وعد إنكلترا وقد غفل المستند لذلك عن كون الوعد من ملسبري كان في سياق أن ترضى بذلك الدولة العثمانية صاحبة الملك مع الرضا العام لا اغتيالاً ومع ذلك فلإنكلترا مقاصد على تونس مخفية في مصر فرأت أن مساعدة فرنسا على تونس تلائمها في مقصدها هي في مصر عند الحاجة إذا ساعدتها فرنسا ولهذا لم تعترف بالمعاهدة الجددية مع تونس رسمياً حتى أن وزير فرنسا الأول أعلن في مجلس النواب بأن إنكلترا وافقت على معاهدة وزير فرنسا الأول أعلن في مجلس النواب بأن إنكلترا وافقت على معاهدة مايه استناداً منها لما دار بينهم من الكلام فيها فأعلن وزير خارجية إنكلترا حالاً بتكذيب ذلك الإدعاء وما ذاك إلا تحفظاً على ما يريد لدولته حتى إذا لم تساعفه فرنسا في مصر وآل بينهم الأمر إلى المشاحنة الحقيقية كان لإنكلترا وجه في نقض ما حل بتونس.
وأما دولة الروسي فلا إشكال أنه يسرها كل ما يضعف الدولة العثمانية ولا فائدة لها في مشاحنة فرنسا وذلك كان جوابها يمثل محصول جواب سابقتها.