للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَلَغَنِي أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ، وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللَّهُ بِدَارِ هَوَانٍ وَلا مَنْقَصَةٍ، الْحَقْ بِنَا نواسيك فَقُلْتُ حِينَ قَرَأْتُهُ: وَهَذَا أَيْضًا مِنَ الْبَلاءِ فَتَيَمَّمْتُ التَّنُّورَ فَسَجَّرْتُهُ بِهَا.

حَتَّى إِذَا مَضَتْ أربعون ليلة من الخمسين، إذا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِينِي فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُكَ بِأَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ قَالَ:

: فَقُلْتُ لَهُ: أُطَلِّقُهَا، أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ؟ قَالَ: لَا، اعْتَزِلْهَا وَلا تَقْرَبْهَا، وَأَرْسَلَ رَسُولا إِلَى صَاحِبِي بِمِثْلِ ذَلِكَ فَقُلْتُ لامْرَأَتِي: الْحَقِي بِأَهْلِكِ فَكُونِي عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِي اللَّهُ فِي هَذَا الأَمْرِ، وَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلالِ بْنِ أُمَيَّةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هِلالَ بْنَ أُمَيَّةَ شَيْخٌ كَبِيرٌ ضَائِعٌ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ، فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَخْدِمَهُ؟ قَالَ: لَا وَلَكِنْ لَا يَقْرَبْكِ، قَالَتْ: إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا بِهِ حَرَكَةٌ إِلا شَيْءٌ، وَاللَّهِ مَا زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرُهُ مَا كَانَ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا، قَالَ كَعْبٌ: فَقَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِي: لَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ فِي امْرَأَتِكَ، فَقَدْ أَذِنَ لامْرَأَةِ هِلالِ بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَسْتَأْذِنُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا يُدْرِينِي مَا يَقُولُ لِي: رَسُولُ اللَّهِ إِذَا اسْتَأْذَنْتُهُ، وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ؟.

فَلَبِثْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ حَتَّى كَمُلَتْ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَلامِنَا ثُمَّ صَلَّيْتُ صَلاةَ صُبْحِ خَمْسِينَ لَيْلَةً عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الْحَالِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ منا، قد ضاقت علينا الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي، سَمِعْتُ صوت صارخ أوفى على جبل بأعلى سلع بأعلى صوته: يا كعب بن مالك، أَبْشِرْ فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ الْفَرَجُ وَأَذَنَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلَاةَ الْفَجْرَ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا وَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مُبَشِّرُونَ وَرَكَضَ رَجُلٌ إِلَيَّ فَرَسًا وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ، فَأَوْفَى عَلَى الْجَبَلِ، فَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنَ الْفَرَسِ، فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي نَزَعْتُ ثَوْبَيَّ فَكَسَوْتُهُمَا إِيَّاهُ بِشَارَةً وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ يَوْمَئِذٍ غَيْرَهُمَا، وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا فَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا يُهَنُّونِي يَقُولُونَ: لَنُهَنِّكَ تَوْبَةَ اللَّهِ عَلَيْكَ، حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ حَوْلَهُ النَاسُ فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّانِي وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ فَكَانَ كَعْبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>