فلما رأت ذَلِكَ سمحت بنفسها، فلما هممت بها قالت: إني أخاف الله رب العالمين. فقلت لها: تخافين الله في الشدة ولم أخفه في الرخاء؟ فأعطيتها مَا استغنت هي وعيالها. اللهم فإن كنت تعلم أني فعلت ذَلِكَ لوجهك فافرج عنا هَذَا الحجر، فانصدع الحجر حتى رأوا الضوء وأيقنوا الفرج.
ثُمَّ قَالَ الثالث: قد عملت حسنة مرة، كَانَ لي أبوان شيخان كبيران قد بلغهما الكبر، وكانت غنم فكنت أرعاها ... وأختلف فيما بين غنمي وبين أبوي أطعمهما وأشبعهما وأرجع إِلَى غنمي، فلما كَانَ ذات يَوْم أصابني غيث شديد فحبسني فلم أرجع إلا مؤخرًا، فأتيت أهلي فلم أدخل منزلي حتى حلبت غنمي، ثم مضيت إلى أبوي أسقيهما فوجدتهما قد ناما، فشق علي إِنَّ أوقظهما وشق علي إِنَّ أترك غنمي، فلم أبرح جالسًا ومحلبي علي يدي حتى أيقظهما الصبح فسقيتهما، اللهم إِنَّ كنت تعلم أني فعلت ذَلِكَ لوجهك فافرج عنا هَذَا الحجر. ففرج الله عنهم وخرجوا إِلَى أهليهم راجعين «١» .
١٢٧٢٠ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: غزونا مع مَعَاوِية غزوة المضيق نحو الروم فمررنا بالكهف الّذِي فيه أصحاب الكهف الّذِي ذكر الله في القرآن، فقال مَعَاوِية: لو كشف لنا عَنْ هؤلاء فنظرنا إِلَيْهِمْ! فقال لَهُ ابن عباس: ليس ذَلِكَ لك، قد منع الله ذَلِكَ عمن هُوَ خير منك. فقال: لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا فقال مَعَاوِية: لا أنتهي حتي أعلم علمهم. فبعث رجالًا فقال: اذهبوا فادخلوا الكهف فانظروا. فذهبوا، فلما دخلوا الكهف بعث الله عَلَيْهِمْ ريحًا فأخرجتهم. فبلغ ذَلِكَ ابن عباس فأنشأ يحدث عنهم فقال: إنهم كانوا في مملكة ملك مِنَ الجبابرة يعبد الأوثان، وقد أجبر الناس عَلَى عبادتها، وكان هؤلاء الفتية في المدينة، فلما رأوا ذَلِكَ خرجوا مِنْ تلك المدينة فجمعهم الله عَلَى غير ميعاد، فجعل بعضهم يَقُولُ لبعض: أين تريدون؟ أين تذهبون!؟ فجعل بعضهم يخفي عَلَى بعض لأنه لا يدري هَذَا عَلَى مَا خرج هَذَا، ولا يدري هَذَا. فأخذوا العهود والمواثيق إِنَّ يخبر بعضهم بعضًا، فإن اجتمعوا عَلَى شيء وإلا كتم بعضهم بعضًا.
فاجتمعوا عَلَى كلمة واحدة فَقَالُوا رَبُّنَا رب السماوات وَالأَرْضِ.... إِلَى قَوْلِهِ:
مِرْفَقًا قَالَ: فقعدوا فجاء أهلهم يطلبونهم لا يدرون أين ذهبوا، فرفع أمرهم