للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخضر أصاحب بني إسرائيل؟ فرحب به وَقَالَ: مَا جاء بك؟ قَالَ: جئتك عَلَى إِنَّ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا يَقُولُ: لا تطيق ذَلِكَ.

قَالَ موسى: سَتَجِدُنِي إِنَّ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا فانطلق به وَقَالَ لَهُ: لا تسألني عَنْ شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه. فذلك قوله: حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا «١» .

١٢٨٧٨ - ومن طَرِيق هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سأل موسى ربه فقال: «رب، أي عبادك أحب إليك؟ قَالَ: الّذِي يذكرني ولا ينساني قَالَ: فأي عبادك أقَضَى؟ قَالَ: الّذِي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى. قَالَ: فأي عبادك أعلم؟ قَالَ: الّذِي يبتغي علم الناس إِلَى علمه، عسى إِنَّ يصيب كلمة تهديه إِلَى هدى أو ترده عَنْ ردى. قَالَ: وقد كَانَ حدث موسى نفسه أنه ليس أحد أعلم منه. قَالَ: رب، فهل أحد أعلم مني؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فأين هُوَ؟ قِيلَ لَهُ:

عند الصخرة التي عندها العين.

فخرج موسى يطلبه حتى كان ما ذكر الله وانتهى موسى إليه عند الصخرة، فسلم كُلّ وَاحِدٍ منهما عَلَى صاحبه، فقال لَهُ موسى: إني أريد إِنَّ تصحبني. قَالَ: إنك لن تطيق صحبتي. قَالَ: بلى. قَالَ: فإن صحبتني فلا تسئلني عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا فسار به في البحر حتى انتهى إِلَى مجمع البحرين، وليس في البحر مكان أكثر ماء منه. قَالَ: وبعث الله الخطاف فجعل يستقي منه بمنقاره، فقال لموسى: كم ترى هَذَا الخطاف رزأ بمنقاره مِنَ الماء؟ قَالَ: مَا أقل مَا رزأ ... قَالَ:

فإن علمي وعلمك في علم الله كقدر مَا استقى هَذَا الخطاف مِنْ هَذَا الماء. وذكر تمام الحَدِيث في خرق السفينة وقتل الغلام وإصلاح الجدار، فكان قوله موسى في الجدار لنفسه شيئًا مِنَ الدُّنْيَا، وكان قوله في السفينة وفي الغلام لله عز وجل «٢» .


(١) . الدر ٥/ ٤١٨، ٤١٩.
(٢) . الدر ٥/ ٤١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>