للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِشَعْرِهَا، وَكَانَ زَوْجُهَا غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَكَتَبَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلامُ إِلَى رَأْسِ الْغُزَاةِ انْظُرْ فَاجْعَلْهُ فِي حَمْلَةِ التَّابُوتِ، إِمَّا أَنْ يَفْتَحَ عَلَيْهِمْ وَإِمَّا أَنْ يُقْتَلُوا فَقَدَّمَهُ فِي حَمْلَةِ التَّابُوتِ، فَقُتِلَ فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا خَطَبَهَا دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَاشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ إِنْ وَلَدَتْ غُلامًا أَنْ يَكُونَ الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَشْهَدَتْ عَلَيْهِ خَمْسًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَتَبَتْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ كِتَابًا فَأَشْعَرَ بِنَفْسِهِ أَنَّهُ كَتَبَ حَتَّى وَلَدَتْ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، وَشَبَّ فَتَسَوَّرَ عَلَيْهِ الْمَلَكَانِ الْمِحْرَابَ فَكَانَ شَأْنُهُمَا مَا قَصَّ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ وَخَرَّ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلامُ سَاجِدًا، فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَتَابَ عَلَيْهِ «١» .

١٨٣٤٤ - عَنْ أَنَسٍ «٢» رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ حِينَ نَظَرَ إِلَى الْمَرْأَةِ قَطَعَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَوْصَى صَاحِبَ الْجَيْشِ فَقَالَ: إِذَا حَضَرَ الْعَدُوُّ تَضْرِبُ فُلانًا بَيْنَ يَدَيِ التَّابُوتِ، وَكَانَ التَّابُوتُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ يُسْتَنْصَرُ بِهِ مِنْ قُدِّمَ بَيْنَ يَدَيِ التَّابُوتِ لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى يُقْتَلَ، أَوْ يَنْهَزِمَ مِنْهُ الْجَيْشُ فَقُتِلَ وَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ، وَنَزَلَ الْمَلَكَانِ عَلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ فَسَجَدَ فَمَكَثَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً سَاجِدًا حَتَّى نَبَتَ الزَّرْعُ مِنْ دُمُوعِهِ عَلَى رَأْسِهِ، فَأَكَلَتِ الْأَرْضُ جَبِينَهُ وَهُوَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: رَبِّ زَلَّ دَاوُدُ زَلَّةً أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ. رَبِّ إِنْ لَمْ تَرْحَمْ ضَعْفَ دَاوُدَ وَتَغْفِرْ ذُنُوبَهُ جُعِلَتْ ذَنْبُهُ حَدِيثًا فِي الْمَخْلُوقِ مِنْ بَعْدِهِ.

فَجَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ مِنْ بَعْدِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَقَالَ: يَا دَاوُدُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّ اللَّهُ عَدْلٌ لَا يَمِيلُ فَكَيْفَ بِفُلانٍ إِذَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ: يَا رَبِّ دَمِيَ الَّذِي، عِنْدَ دَاوُدَ؟ قَالَ جِبْرِيلُ: مَا سَأَلْتَ رَبَّكَ، عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ شِئْتَ لافْعَلَنَّ فَقَالَ:

نَعَمْ فَفَرِحَ جِبْرِيلُ. وَسَجَدَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نَزَلَ فَقَالَ: قَدْ سَأَلْتُ اللَّهَ يَا دَاوُدُ، عَنِ الَّذِي أَرْسَلْتَنِي فِيهِ فَقَالَ: قُلْ لِدَاوُدَ: إِنَّ اللَّهَ يَجْمَعُكُمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ: «هَبْ لِي دَمَكَ الَّذِي، عِنْدَ دَاوُدَ، فَيَقُولُ: هُوَ لَكَ، فَيَقُولُ: فَإِنَّ لَكَ فِي الْجَنَّةِ ما شئت ما اشتهيت عوضا» «٣» .


(١) الدر ٧/ ١٥٥.
(٢) انظر التعليق السابق.
(٣) الدر ٧/ ١٥٦- ١٥٧

<<  <  ج: ص:  >  >>