للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَرُدَّ عَلَى سليمان عليه السلام سلطانه ألْقَى فِي قُلُوبِ النَّاسِ إِنْكَارَ ذَلِكَ الشَّيْطَانِ فَأَرْسَلُوا إِلَى نِسَاءِ «١» سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقَالُوا لهن أيكون من سليمان شيء؟ قلنا: نَعَمْ إِنَّهُ يَأْتِينَا وَنَحْنُ حُيَّضٌ، وَمَا كَانَ يَأْتِينَا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَمَّا رَأَى الشَّيْطَانُ أَنَّهُ قَدْ فُطِنَ لَهُ ظَنَّ أَنَّ أَمْرَهُ قَدِ انْقَطَعَ، فَكَتَبُوا كُتُبًا فِيهَا سِحْرٌ وَمَكْرٌ فَدَفَنُوهَا تَحْتَ كُرْسِيِّ سُلَيْمَانَ ثُمَّ أَثَارُوهَا وَقَرَءُوهَا عَلَى النَّاسِ قَالُوا: بِهَذَا كَانَ يَظْهَرُ سُلَيْمَانُ عَلَى النَّاسِ وَيَغْلِبُهُمْ فَأَكَفَرَ النَّاسُ سُلَيْمَانَ فَلَمْ يَزَالُوا يكفرونه وبعث ذلك الشيطان بالخاتم فَدَعَا سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقَالَ: تَحْمِلُ لِي هذه السمك؟ ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَلَمَّا انْتَهَى الرَّجُلُ إِلَى بَابِ دَارِهِ، أَعْطَاهُ تِلْكَ السَّمَكَةَ الَّتِي فِي بَطْنِهَا الْخَاتَمُ فَأَخَذَهَا سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَشَقَّ بَطْنَهَا فَإِذَا الْخَاتَمُ فِي جَوْفِهَا فَأَخَذَهُ فَلَبِسَهُ فَلَمَّا لَبِسَهُ دَانَتْ لَهُ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ وَالشَّيَاطِينُ، وَعَادَ إِلَى حَالِهِ، وَهَرَبَ الشَّيْطَانُ حَتَّى لحق بجزيرة مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ، فَأَرْسَلَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي طَلَبِهِ، وَكَانَ شَيْطَانًا مَرِيدًا يَطْلُبُونَهُ وَلا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ حَتَّى وَجَدَوهُ يَوْمًا نَائِمًا فَجَاءُوا فَنَقَبُوا عَلَيْهِ بُنْيَانًا مِنْ رُصَاصٍ فَاسْتَيْقَظَ فَوَثَبَ فَجَعَلَ لَا يَثْبُتُ فِي مَكَانٍ مِنَ الْبَيْتِ إِلا أَنْ دَارَ مَعَهُ الرُّصَاصُ فَأَخَذُوهُ وَأَوْثَقُوهُ وَجَاءُوا بِهِ إِلَى سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَأَمَرَ بِهِ فَنُقِرَ لَهُ فِي رُخَامٍ ثُمَّ أُدْخِلَ فِي جَوْفِهِ ثُمَّ سَدَّ بِالنُّحَاسِ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَطُرِحَ فِي الْبَحْرِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا يَعْنِي: الشَّيْطَانَ الَّذِي كَانَ تَسَلَّطَ عَلَيْهِ «٢» .

١٨٣٥٦ - عَنْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَمَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ جَالِسًا عَلَى شَاطِئِ البحر، وهو يبعث بِخَاتَمِهِ إِذْ سَقَطَ مِنْهُ فِي الْبَحْرِ، وَكَانَ مُلْكُهُ فِي خَاتَمِهِ، فَانْطَلَقَ وَخَلَّفَ شَيْطَانًا فِي أَهْلِهِ فَأَتَى عَجُوزًا فَأَوَى إِلَيْهَا فَقَالَتْ لَهُ الْعَجُوزُ: إِنْ شِئْتَ أَنْ تَنْطَلِقَ فَتَطْلُبَ وَأَكْفِيكَ عَمَلَ الْبَيْتِ وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَكْفِينِي عَمَلَ الْبَيْتِ وَأَنْطَلِقُ فَالْتَمِسُ قَالَ: فَانْطَلَقَ يَلْتَمِسُ فَأَتَى قَوْمًا يَصِيدُونَ السَّمَكَ فَجَلَسَ إِلَيْهِمْ فَنَبَذُوا سَمَكَاتٍ فَانْطَلَقَ بِهِنَّ حَتَّى أَتَى الْعَجُوزَ فَأَخَذَتْ تُصْلِحُهُ فَشَقَتْ بَطْنَ سَمَكَةٍ فَإِذَا فِيهَا الْخَاتَمُ فَأَخَذْتُهُ وَقَالَتْ لِسُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ، مَا هَذَا؟ فَأَخَذَهُ سليمان عليه السلام فلبسه فأقبلت


(١) قال ابن كثير: إن المشهور أن ذلك الجني لم يسلط على نساء سليمان بل عصمهن الله منه تشريفا وتكريما لنبيه صلى الله عليه وسلم. انظر التفسير ٧/ ٦٠
(٢) الدر ٧/ ١٧٨. قال ابن كثير: هذه كلمات من الإسرائيليات ومن أنكرها ما قال ابن أبي حاتم. انظر التفسير ٧/ ٥٩

<<  <  ج: ص:  >  >>