مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق يجوز للوالدين الرجوع فيما وهبا لولديهما حقيقة كان ولدهما أو مجازًا، كولد الولد، وسواء في ذلك ولد البنين أو ولد البنات. وعند الزَّيْدِيَّة إذا وهب من ابنه الصغير جاز له الرجوع عليه عند الحاجة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا وهبا له وأقبضاه إياه فليس لهما الرجوع فيه. وعند أَحْمَد في رِوَايَة أيضًا إن كان الولد قد استحدث دينًا، أو كانت أنثى سقط حق الأب من الرجوع، وبه قال مالك. وعند مالك أيضًا وَأَحْمَد يجوز لهما الرجوع فيما وهبا لولديهما لصلتهما دون ولد الولد ما لم ينتفع به، فإن انتفع به بأن أمنه الناس فبايعوه، أو زوجوه، أو غير ذلك من الانتفاع لم يكن لهما الرجوع فيه. واختلفت الزَّيْدِيَّة فقال النَّاصِر: الهبة لا تقبل الرجوع بحال، إلا إذا وهبها من ابنه الصغير فإنها تقبل الرجوع عند الحاجة، وفي سائر المواضع لا تقبل الرجوع. وعند سائر الزَّيْدِيَّة تقبل الرجوع إلا في ثلاثة مواضع: أحدها إذا وهب للَّهِ تعالى، والثاني إذا وهب على عوض معلوم، والثالث لصلة الرحم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هبة الزوجين كل واحد منهما لصاحبه لازمة، وليس له الرجوع فيها. وعند شريح والشعبي والْأَوْزَاعِيّ يجوز للمرأة أن ترجع فيما وهبته للزوج، وليس للزوج أن يرجع فيما وهبه لها، وحكاه الزُّهْرِيّ عن القضاة. وعند اللَّيْث ترجع الزوجة فيما وهبت لزوجها، إلا أن يكون سألها أن تهب له ثم طلقها مكانه أو بعد ذلك بيوم أو نحوه. وعند الْأَوْزَاعِيّ لا يرجع فيما وَهَب لمولى، ولا لبائع له، ولا لذي رحم، ولا لامرأة، ولا السلطان لمن دونه، ويرجع فيما سوى ذلك، فإن كانت الهبة قد تمت وزادت عند صاحبها فقيمتها يوم وهبها. وعند الحسن بن حيي إذا لم يرد بالهبة ثواب الدنيا لم يرجع إذا قبض، ولا يرجع فيما وهب لذي رحم محرم، فإن وهب لغير ذي رحمٍ محرمٍ يريد بها ثواب الدنيا فله أن يرجع فيها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للمرأة الرشيدة أن تهب وتعطي العطايا بغير إذن زوجها، سواء ولدت أم لم تلد، أقامت حولاً في بيت زوجها أو أقل من ذلك. وعند شريح والشعبي وَأَحْمَد وعمر وإِسْحَاق ليس لها في مالها أمر حتى تلد ويحول عليها الحول في بيت زوجها. وعند النَّخَعِيّ إذا ولدت جاز لها أن تهب وتعطي. وعند الشعبي أيضًا إذا حال عليها الحول في بيتها جاز لها ما صنعت. وعند طاوس وأنس بن مالك ليس لها أن تعطى من مالها شيئًا إلا بإذن زوجها. وعند مالك البكر تعطي من مالها وهي في