للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تشاءم بشىء منها نزل به ما يكره" (٧).

وقال الشوكاني: "والراجح ما قاله مالك وهو الذي يدل عليه حديث أنس الذي ذكرنا (٨) فيكون حديث الشؤم مخصصًا لعموم حديث "لا طيرة" فهو في قوة "لا طيرة إلا في هذه الثلاث"" (٩).

المسلك الثاني: تأويل حديث الشؤم وحمله على غير ظاهره والسالكون لهذا المسلك من أهل العلم لم يتفقوا على تأويل واحد بل تنوعت طرائقهم وتباينت آراؤهم في تأويل هذا الحديث، وإليك أقوالهم في ذلك: -

القول الأول: أن حديث الشؤم: "سيق لبيان اعتقاد الناس في ذلك لا أنه إخبار من النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بثبوت ذلك" (١٠).

القول الثاني: أن "معنى الحديث إخباره عن الأسباب المثيرة للطيرة الكامنة في الغرائز، يعني أن المثير للطيرة في غرائز الناس هى هذه الثلاثة فأخبرنا بِها لنأخذ الحذر منها فقال: "الشؤم في الدار والمرأة والفرس" أي أن الحوادث التي تكثر مع هذه الأشياء، والمصائب التى تتوالى عندها تدعو الناس إلى التشاؤم بِها فقال: "الشؤم فيها" أي: أن الله قد يقدره فيها على قوم دون قوم فخاطبهم النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذلك لما استقر عندهم منه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من إبطال الطيرة وإنكار العدوى" (١١).

القول الثالث: ما ذهب إليه ابن حجر وغيره من أن "المراد بذلك حسم


(٧) المرجع السابق.
(٨) وهو قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للرجل الذى اشتكى إليه قلة عددهم وذهاب مالهم بعد تحولهم من مسكنهم إلى مسكن آخر: "ذروها ذميمة" وسيأتي تخريجه إن شاء الله تعالى ص (١٢٨).
(٩) نيل الأوطار (٧/ ٢١٩).
(١٠) الفتح (٦/ ٦١).
(١١) مفتاح دار السعادة (٣/ ٣٤١).

<<  <   >  >>