للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن هذه الاعتراضات تصدى لها الشيخ سليمان بن عبد الله وأجاب عنها فقال بعدما ساق هذه الاعتراضات: "كذا قال هذا القائل وهو خطأ من وجوه:

الأول: أن هذه الزيادة لا يمكن تصحيحها إلا بحملها على وجوه لا يصح حملها عليه، كقول بعضهم: المراد لا يرقون بما كان شركًا أو احتمله، فإنه ليس في الحديث ما يدل على هذا أصلًا، وأيضًا فعلى هذا لا يكون للسبعين مزية على غيرهم، فإن جملة المؤمنين لا يرقون بما كان شركًا.

الثاني: قوله: فكذا يقال .. إلخ لا يصح هذا القياس، فإنه من أفسد القياس، وكيف يقاس من سأل وطلب على من لم يسأل؟ ! مع أنه قياس مع وجود الفارق الشرعي، فهو فاسد الاعتبار، لأنه تسوية بين ما فرق الشارع بينهما بقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "من اكتوى أو استرقى فقد برئ من التوكل " .. وكيف يجعل ترك الإحسان إلى الخلق سببًا للسبق إلى الجنان؟ ! وهذا بخلاف من رَقى أو رُقىَ من غير سؤال، فقد رقى جبريل النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولا يجوز أن يقال: إنه عليه السلام لم يكن متوكلًا في تلك الحال.

الثالث: قوله: ليس في وقوع ذلك من جبريل عليه السلام .. إلخ، كلام غير صحيح بل هما سيدا المتوكلين، فإذا وقع ذلك منهما دلّ على أنه لا ينافي التوكل، فاعلم ذلك" (٧).

وأما ما ورد عنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من أمره بالاسترقاء كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "أمرني رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو أمر أن يُسترقى من العين".

وكما في حديث أم سلمة رضى الله عنها: أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى في بيتها


(٧) تيسير العزيز الحميد ص (١٠٨، ١٠٩).

<<  <   >  >>