للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خلقه، وبعض الخلق أقرب من بعض على نحو ما فسرنا من أمر السموات والأرض، وكذلك قرب الملائكة من الله، فحملة العرش أقرب إليه من جميع الملائكة الذين في السموات، والعرش أقرب إليه من السماء السابعة، وقرب الله إلى جميع ذلك واحد، هذا معقول مفهوم إلا عند من لا يؤمن أن فوق العرش إلهًا" (٤٤).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وقربه من قلب الداعى: له معنى متفق عليه بين أهل الإثبات الذين يقولون: إن الله فوق العرش، ومعنى آخر فيه نزاع (٤٥) فالمعنى المتفق عليه عندهم: يكون بتقريبه قلب الداعي إليه، كما يقرب إليه قلب الساجد كما ثبت في الصحيح: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" (٤٦)، فالساجد يقرب الرب إليه فيدنو قلبه من ربه، وإن كان بدنه فى الأرض، ومتى قرب أحد الشيئين من الآخر صار الآخر إليه قريبًا بالضرورة، وإن قدر أنه لم يصدر من الآخر تحرك بذاته، كما أن من قرب من مكة، قربت مكة منه" (٤٧).

وقال أيضًا: "أهل السنة والجماعة يثبتون أن الله على العرش وأن حملة العرش أقرب إليه ممن دونَهم، وأن ملائكة السماء العليا أقرب إلى الله من ملائكة السماء الثانية، وأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما عُرج به إلى السماء صار يزداد قربًا إلى ربه بعروجه وصعوده، وكان عروجه إلى الله لا إلى مجرد خلق من خلقه، وأن روح المصلي تقرب إلى الله في السجود وإن كان بدنه متواضعًا، وهذا هو الذي دلت عليه نصوص الكتاب" (٤٨).

وقال أيضًا: "فقرب الرب من قلوب المؤمنين وقرب قلوبِهم منه: أمر


(٤٤) النقض على المريسى (١/ ٥٠٤).
(٤٥) وهو الثالث الآتي قريبًا.
(٤٦) سبق تخريجه ص (٢٦٥).
(٤٧) شرح حديث النُّزول (٣٧٦).
(٤٨) مجموع الفتاوى (٦/ ٧) بتصرف يسير.

<<  <   >  >>