للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وليس في شيء من أحاديث المعراج الثابتة ذكر ذلك ولو كان قد وقع ذلك لذكره كما ذكر ما دونه" (٩).

وقال القاضي عياض: "وأما وجوبه لنبينا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والقول بأنه رآه بعينه فليس فيه قاطع أيضًا ولا نص" (١٠).

وقال الذهبي: "ولم يأتنا نص جلي بأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى ربه بعينه" (١١).

٣ - أن مستند القائلين بالرؤية البصرية تفسير ابن عباس رضى الله عنهما لآيات سورة النجم كقوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} حيث جعل المرئي فيها هو الله تعالى، وهذا غير صحيح لأن عائشة رضي الله عنها رفعت تفسير هذه الآية إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأن المرئى هو جبريل عليه السلام ووافقها على ذلك أبو هريرة وابن مسعود رضي الله عنهما في بقية الآيات -كما تقدمت الرواية عنهم- وأما ابن عباس رضي الله عنهما فإنه يُخبر عن اعتقاده ولم يرفعه إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولا شك أن المرفوع مقدم على الموقوف.

- وأما استدلال عائشة رضى الله عنها على نفي الرؤية بالآيتين وهما: قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ .. } وقوله {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ .. } فغير مسلَّم.

أما الآية الأولى فلأن المعنى فيها: لا تحيط به الأبصار، فالإدراك فيها بمعنى الإحاطة، وهى قدر زائد على الرؤية، وبالتالي فإن نفى الإدراك لا يلزم منه نفي الرؤية، فإن الشيء قد يُرى ولا يدرك كما يقول الرجل: رأيت السماء وهو صادق مع أنه لم يحط بصره بكل السماء ولم يدركها، ويقول: رأيت البحر،


(٩) مجموع الفتاوى (٦/ ٥٠٩، ٥١٠).
(١٠) الشفا (١/ ٢٦٥).
(١١) سير أعلام النبلاء (٢/ ١٦٧).

<<  <   >  >>