للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله وسلامه عليه لم يجعل ذلك حاصلًا بمجرد قول اللسان فقط، فإن هذا خلاف المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام، فإن المنافقين يقولونَها بألسنتهم وهم مع ذلك في الدرك الأسفل من النار، فلا بد من قول القلب وقول اللسان.

وقول القلب يتضمن من معرفتها والتصديق بِها ومعرفة حقيقة ما تضمنته -من النفى والإثبات- ومعرفة حقيقة الإلهية المنفية عن غير الله المختصة به التي يستحيل ثبوتُها لغيره، وقيام هذا المعني بالقلب علمًا ومعرفة ويقينًا وحالًا: ما يوجب تحريم قائلها على النار، وكل قول رتب الشارع ما رتب عليه من الثواب فإنما هو القول التام" (٨).

وقال سليمان بن عبد الله: "أما النطق بها من غير معرفة لمعناها ولا عمل بمقتضاها فإن ذلك غير نافع بالاجماع" (٩).

٣ - أن أبا بكر رضي الله عنه لما أراد قتال مانعى الزكاة احتج عليه عمر ابن الخطاب رضي الله عنه بقوله -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله" (١٠) حيث فهم منه عمر رضى الله عنه وجماعة من الصحابة: أن من أتى بالشهادتين امتنع من عقوبة الدنيا بمجرد ذلك فتوقفوا في قتال مانعي الزكاة.

وفهم الصديق أنه لا يمتنع قتاله إلا بأداء حقوقها لقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه" قال: والزكاة حق المال.

ولما قرر أبو بكر رضى الله عنه هذا للصحابة رجعوا إلى قوله ورأوه صوابًا.


(٨) مدارج السالكين (١/ ٣٥٩) بتصرف يسير، وانظر كلامًا جميلًا له في نفس الموضوع (١/ ٣٥٤، ٣٥٨).
(٩) تيسير العزيز الحميد (٧٢).
(١٠) متفق عليه: البخارى، كتاب الزكاة، باب: وجوب الزكاة (٢/ ٥٠٧) ح (١٣٣٥). ومسلم، كتاب الإيمان، باب: الأمر بقتال الناس حتي يقولوا لا إله إلا الله (١/ ٣١٤) ح (٢٠).

<<  <   >  >>