للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حقيقة النسخ أم كان مرادهم بالنسخ البيان والإيضاح -لأن كثيرًا من نصوص الوعد كان بالمدينة بعد نزول الفرائض والحدود، وفي بعضها أنه كان في غزوة تبوك وهى في آخر حياة النبي -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (١٥) كما أن أبا هريرة رضي الله عنه من رواة أحاديث الوعد وهو متأخر الإسلام، أسلم عام خيبر سنة سبع بالاتفاق، وكانت أحكام الشريعة مستقرة وأكثر هذه الواجبات كانت فروضها مستقرة، وكانت الصلاة والصيام والزكاة وغيرها من الأحكام قد تقرر فرضها (١٦).

تنبيه:

قد يشكل على هذا القول الذي تقدم ترجيحه ما جاء في حديث الشفاعة عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: " .. فيقول الله عز وجل شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قومًا لم يعملوا خيرًا قط قد عادوا حممًا فيلقيهم في نَهر في أفواه الجنة يقال له نَهر الحياة فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل .. " قال: "فيخرجون كاللؤلؤ في رقابِهم الخواتم يعرفهم أهل الجنة هؤلاء عتقاء الله الذين أدخلهم الله الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه" (١٧).

ووجه الإشكال أن هذا الحديث فيه التصريح بخروج قوم من النار وإدخالهم الجنة مع أنَّهم لم يعملوا خيرًا قط.

والجواب عن هذا الإشكال في هذا الحديث وما في معناه: هو أنه محمول على أحد أمرين:

أحدهما: ما ذكره ابن خزيمة رحمه الله تعالى من أنّ "هذه اللفظة" لم


(١٥) انظر التوحيد لابن رجب (٤٥، ٤٦).
(١٦) انظر مسلم بشرح النووي (١/ ٣٣٤) فتح البارى (١/ ٢٢٦).
(١٧) متفق عليه: البخاري، كتاب التوحيد، باب: قول الله تعالى {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ .. } (٦/ ٢٧٠٦) ح (٧٠٠١). ومسلم واللفظ له، كتاب الإيمان، باب: معرفة طريق الرؤية. (٣/ ٣٠) ح (١٨٣).

<<  <   >  >>