للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كتاب الله في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية ويبقى طوائف من الناس: الشيخ الكبير والعجوز يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: لا إله إلا الله فنحن نقولها" قال صلة بن زفر لحذيفة: فما تغنى عنهم لا إله إلا الله وهم لا يدرون ما صيام ولا صدقة ولا نسك؟ فأعرض عنه حذيفة، فرددها عليه ثلاثًا كل ذلك يعرض عنه حذيفة، ثم أقبل عليه في الثالثة فقال: يا صلة تنجيهم من النار (٢١).

فهؤلاء الذين يكونون في هذا الزمن -نسأل الله العافية- نقول فيهم كما قال حذيفة رضى الله عنه: إن لا إله إلا الله تنجيهم من النار، إذ لا يعلمون غيرها في ذلك الزمان الذي هو أسوأ زمان (٢٢).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وكثير من الناس قد ينشأ في الأمكنة والأزمنة التي يندرس فيها كثير من علوم النبوات حتي لا يبقى من يُبلغ ما بعث الله به رسوله، ولا يكون هناك من يبلغه ذلك، ومثل هذا لا يكفر، ولهذا اتفق الأئمة على أن من نشأ ببادية بعيدة عن أهل العلم والإيمان وكان حديث العهد بالإسلام، فأنكر شيئًا من هذه الأحكام الظاهرة المتواترة فإنه لا يحكم بكفره حتي يعرف ما جاء به الرسول -صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" (٢٣)، ثم ذكر حديث حذيفة السابق.

وأما الدلالة على صحة هذا القول في أحاديث الوعيد المتعلقة بأحكام الآخرة فظاهرة:


(٢١) أخرحه ابن ماجه (٢/ ١٣٤٤) ح (٤٠٤٩)، والحاكم واللفظ له (٤/ ٥٢٠) ح (٨٤٦٠) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وقال البوصيرى في مصباح الزجاجة (٤/ ١٩٤): هذا إسناد صحيح ورجاله ثقات.
(٢٢) انظر ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي للدكتور سفر الحوالي (٢/ ٧٥٧ - ٧٥٨).
(٢٣) مجموع الفتاوى (١١/ ٤٠٧). بتصرف يسير.

<<  <   >  >>