للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• المثال الثاني:

ما ذكره ابن العربي (١) في مسألة (تكليف الكفار بفروع الشريعة): " ... فأما الجواز فظاهر؛ لأنه لا يمتنع أن يقال للكافر: صَلِّ، ويتضمن الأمر بالصلاة الأمر بشرطها في الإيمان؛ إذ لا يتوصل إلى فعلها إلا به، ... فالدليل على وجود ذلك في الشرع ظواهر الكتاب، وأمثلها في التعليق قوله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤)} [المدثر: ٤٢ - ٤٤].

فإن قيل: أراد تعالى: لم تك على اعتقاد المصلين.

قلنا: إنما يعدل عن الظاهر لضرورة داعية، ولا ضرورة ها هنا؛ لما تقدم من الجواز" (٢).

• المثال الثالث:

ما ذكره الشاطبي (٣)

في فصل العموم والخصوص عند حديثه عن المسألة الأولى: "إذا ثبتت قاعدة عامة أو مطلقة؛ فلا تؤثر فيها معارضة قضايا الأعيان (٤)


(١) هو: أبو بكر، محمد بن عبدالله بن محمد بن عبدالله بن أحمد المعافري الأندلسي، الإمام ابن العربي، الحافظ أحد الأعلام، ولد في إشبيلية، ورحل إلى المشرق، والتقى بالغزالي، ولي قضاء إشبيلية. صنف كتبًا في التفسير والحديث والفقه والأصول والأدب والتاريخ، ومن مصنفاته: "أحكام القرآن"، و" المحصول " في أصول الفقه، و" عارضة الأحوذي في شرح الترمذي"، (ت: ٥٤٣ هـ) بقرب فاس.
يُنظر: الديباج المذهب (ص: ٢٨١)؛ طبقات الحفاظ (١/ ٤٦٨)؛ نفح الطيب (٢/ ٢٦).
(٢) المحصول لابن العربي (ص: ٢٧).
(٣) هو: إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الشاطبي، الغرناطي، كان عالماً بالفقه والأصول، حريصًا على اتباع السنة، من أئمة المالكية. من مصنفاته: "أصول النحو"، و" الاعتصام"، و" الموافقات"، (ت: ٧٩٠ هـ).

تُنظر ترجمته في: نيل الابتهاج (ص: ٤٨)؛ الفتح المبين للمراغي (٢/ ٢٠٤)؛ الأعلام (١/ ٧١).
(٤) قال الشيخ دراز: (قوله: قضايا الأعيان) كما ورد مسحه - صلى الله عليه وسلم - على عمامته، فلا يؤثر ذلك في قاعدة وجوب مسح نفس الرأس في الوضوء، ويكون مسح العمامة متى كانت روايته قوية مستثنى للعذر بجرح أو مرض بالرأس يمنع من مباشرة المسح عليها. يُنظر: هامش (١) في الموافقات (٤/ ٨). - وحديث المسح على العمامة أخرجه مسلم، ك: الطهارة، ب: المسح على الناصية والعمامة، (١/ ٢٣٠ - ٢٣١/ح: ٢٧٤) -.

وذكر الزركشي والشوكاني مثالًا على تخصيص العموم بقضايا الأعيان إذنه - صلى الله عليه وسلم - بلبس الحرير للحكة. يُنظر: البحر المحيط (٣/ ٤٠٥)؛ إرشاد الفحول (١/ ٥٧٨). - وهذا الإذن من حديث أنس - رضي الله عنه - قال: «رَخَّصَ النبي - صلى الله عليه وسلم - لِلزُّبَيْرِ وَعَبْدِالرحمن في لُبْسِ الْحَرِيرِ لِحِكَّةٍ بِهِمَا». يُنظر: صحيح البخاري، ك: اللباس، ب: ما يرخص للرجال من الحرير للحكة (٥/ ٢١٩٦/ح: ٥٥٠١)؛ صحيح مسلم، ك: اللباس والزينة، ب: إباحة لباس الحرير للرجل إذا كان به حكة أو نحوها (٣/ ١٦٤٦ - ١٦٤٧/ح: ٢٠٧٦) -.

<<  <   >  >>